المسألة الخامسة قال الرازي: اتفق الأكثرون على أن الخبر لابد وأن يكون: إما صدقا، وإما كذبا؛ خلافا للجاحظ

المسألة الخامسة

قال الرازي: اتفق الأكثرون على أن الخبر لابد وأن يكون: إما صدقا، وإما كذبا؛ خلافا للجاحظ.

والحق أن المسألة لفظية؛ لأنا نعلم بالبديهة أن كل خبر أن يكون مطابقا للمخبر عنه، أو لا يكون:

فإن أريد بالصدق: الخبر المطابق، كيف كان، وبالكذب: الخبر الغير المطابق، كيف كان، وجب القطع بأنه لا واسطة بين الصدق والكذب، وإن أريد بالصدق: ما يكون مطابقا، مع أن المخبر يكون عالما بأنه غير مطابق- كان هناك قسم ثالث بالضرورة: وهو الخبر الذي لا يعلم قائله أنه مطابق، أم لا.

فثبت أن المسألة لفظية، فنقول: للجاحظ أن يحتج على قوله بالنص، والمعقول:

أما النص: فقوله تعالى؛ حكاية عن الكفار: {أفترى على الله كذبا أم به جنة} [سبا: 8] جعلوا إخباره عن نبوة نفسه: إما كذبا، وإما جنونا، مع أنهم كانوا يعتقدون أنه ليس برسول الله على التقديرين؛ وهذا يقتضى أن يكون إخباره عن نبوة نفسه، حال جنونه مع انه ليس بنبي عندهم- لا يكون كذبا؛ لأن المجعول في مقابلة الكذب، لا يكون كذبا.

وأما المعقول: فمن وجهين:

الأول: أن من غلب على ظنه أن زيدا في الدار، فأخبر عن كونه في الدار، ثم ظهر أنه ما كان كذلك، لم يقل أحد: إنه كذب في هذا الخبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015