قوله: (خطؤهم يخرجهم عن استحقاق الثواب):
قلنا: لا نسلم، بل المخطئ يؤجر؛ لقوله عليه السلام: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر)؛ ولأنهم بذلوا اجتهادهم في طاعة الله تعالى، وذلك عمل صالح يثابون عليه، وعلى نياتهم.
قوله: (الفقهاء يثبتون الإجماع بظواهر العمومات، ولا يكفرون من خالف العمومات لتأويل، ويكفرون من خالف الإجماع، فيجعلون الفرع أقوى من الأصل):
قلنا: الإجماع قطعي لأجل دلالة كل عموم، لا بالنظر إلى ذلك العموم وحده، بل جميع أصول الفقه مسائلة المشهورة قطعية، ومدرك القطع فيها يحصل لمن حصل له الاستقراء التام في نصوص الشريعة، وأقضيه الصحابة في فتاويهم ومناظراتهم، والإطلاع على كثرة واردات السنة في أعيان تلك المسائل، فيحصل القطع حينئذ، أما بمجرد آية أو خبر فلا، فهذا هو معنى قول العلماء: (مسائل أصول الفقه قطعية)، وليس في الممكن أن يوضع في كتاب جميع تلك الأمور التي تحصل العلم، كما أنا نقطع بسخاء حاتمٍ، وبشجاعة على؛ لكثرة الاستقراء لأخبارهما: ولو أنا لم نجد إلا كتابًا سطرت فيه حكايات كثيرة عنهما لم يحصل لنا القطع، فوضع العلماء في كتب أصول الفقه أصول المدارك دون نهاياتها تنبيهًا عليها، وحينئذ يتجه قولهم: إن مخالف الإجماع يكفر لمخالفته القطعي، ومخالف العموم لا يكفر لمخالفته الظني، وليس في ذلك ترجيح الفرع على الأصل؛ لأن أصل الإجماع في التحقيق إنما هو ذلك المجموع الذي أشرنا إليه، ولو خالف أحد ذلك المجموع كفرناه، وسوينا بين الفرع والأصل، بل نكفره بذلك الأصل القطعي بطريق الأولى؛ لكونه أصلا قطعيًا، وإذا لم نكفره بمخالفة عموم واحد نكون قد رجحنا الفرع على بعض أصله، ولا غرو في ذلك حينئذ،