قلنا: قد تقدم في (باب الاشتقاق) أول الكتاب أن المشتق على قسمين: محكوم به، ومتعلق للحكم.
فمتعلق الحكم يكون حقيقة مطلقًا في الحال، والماضي، والمستقبل، بخلاف المحكوم به، لا يكون حقيقة إلا في الحاضر فقط، و (المؤمنين) في الآية متعلق الحكم، والحكم هو وجوب متابعتهم، فتكون الآية تتناول المؤمنين أبدًا غاية في جميعهم، بل تتناول كل ما في مادة الإمكان، ويسقط هذا البحث هناك في الاشتقاق.
قوله: (الإجماع لا ينعقد إلا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -):
قلنا: قد تقدم في باب النسخ إمكان إجماعهم على الحكم في حياته عليه السلام، وما المانع من ذلك، وقد شهد عليه السلام لأمته بالعصمة، وأمته غيره، وهي موجودة في زمانه؟ فإذا أفتوا كلهم بشيء كان حقا، وتصور الإجماع، وكما تصورنا الإجماع بعد وفاته - عليه السلام - مع أن فتياه - عليه السلام - ليست من جملة فتاويهم، فكذلك يتصور في زمانه عليه السلام ليس معهم، ويكون قولهم حينئذ حجة، ويمكنه الوقوع.
قوله: (لم يثبت أن الذين كانوا موجودين في زمانه - عليه السلام - بقوا بعد وفاته - عليه السلام - فيحصل الشك في الإجماع):
قلنا: هذا السؤال يقتضي إذا سلم عدم وقوع الإجماع، ونحن إنما نتكلم في أن الإجماع إذا وقع هل هو حجة أم لا؟ وهذا لا ينفيه ألبتة.
قوله: (الإيمان: التصديق بالقلب، وهو غير معلوم، فكيف نعلم أنهم مؤمنون حتى نتبعهم؟):
قلنا: قد يعلم ما في القلب بقرائن الأحوال، ولذلك نقطع بكثير من أحوال النفوس من الفرح والغضب، وغير ذلك، بسبب ما يظهر على أهلها من قرائن الأحوال، فكذلك الإيمان والكفر.