قلنا: لا نسلم أن ذلك النهي خطاب مع الكل؛ بل خطاب مع كل واحدٍ منهم، والفرق بين الكل، وبين كل واحدٍ منهم معلوم، ونحن إنما ندعى عصمة الكل، لا عصمة كل واحد.
سلمنا كونه خطابًا للكل لكن؛ النهي لا يقتضي إمكان المنهي عنه من كل وجه؛ لأن الله، عز وجل، ينهي المؤمن عن الكفر، مع علمه بأنه لا يفعله، وما علم أنه لا يوجد، فهو محال الوجود، وأما حديث معاذ: فهو إنما ترك ذكر الإجماع؛ لأنه لا يكون حجةً في زمان حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقوم الساعة إلا على شرار أمتي): فهو يدل على حصول الشرار في ذلك الوقت، فأما أن يكونوا بأسرهم شرارًا، فلا، وكذا القول في سائر الأحاديث، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا ترجعوا بعدى كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض): ففي صحته كلام.
سلمناه؛ لكن لعله خطاب مع قومٍ مخصوصين.
قوله: (جاز الخطأ على كل واحدٍ، فيجوز على الكل):
قلنا: لا نسلم أن حكم المجموع مساو لحكم الآحاد، والمثال الذي ذكره يدل على أن ذلك قد يكون كذلك، ولا يدل على أنه لابد، وأن يكون كذلك.
سلمنا أن حكم المجموع مساو لحكم الآحاد؛ ولكن عندنا يجوز الخطأ على الكل أيضًا، لكن ليس كل ما جاز وقع، والله - تعالى - لما أخبر عنهم أن ذلك لا يقع، علمنا أنهم لا يتفقون على الخطأ.
قوله: (اتفاقهم: إما أن يكون لدلالة أو لأمارةٍ):
قلنا: لم لا يجوز أن يكون لدلالةٍ إلا أنهم ما نقلوها اكتفاءً منهم بالإجماع؟ فإنه متى حصل الدليل الواحد، كان الثاني غير محتاج إليه، والله أعلم.