قوله: (الموجودون في العصر الأول لا يصدق عليهم في العصر الثاني: أنهم كل المؤمنين):
قلنا: لكن لما صدق عليهم في العصر الأول: أنهم كل المؤمنين، وهم في العصر الأول اتفقوا على أنه لا يجوز لأحد من سائر الأعصار مخالفتهم، وجب أن يكون ذلك الحكم منهم صدقًا في العصر الأول، فإذا ثبت في العصر الأول: أن ذلك الحكم حق في كل الأعصار، ثبت ذلك في كل الأعصار؛ غذ لو لم يكن حقًا في العصر الثاني، لما صدق في العصر الأول: أنه حق في كل الأعصار، مع أنا فرضنا أن ذلك حق.
الثاني: أن الله عز وجل علق العقاب على مخالفة كل المؤمنين؛ زجرًا عن مخالفتهم، وترغيبًا في الأخذ بقولهم؛ فلا يجوز أن يكون المراد جميع المؤمنين إلى قيام الساعة؛ لأنه لا فائدة في التمسك بقولهم بعد قيام الساعة.
قوله: (إذا كان المراد من (المؤمنين الموجودين في ذلك العصر، كانت الآية دالةً على أن إجماع الموجودين في وقت نزول الآية حجة):
قلنا: لا يجوز أن يكون مراد الله تعالى إيجاب إتباع مؤمني ذلك العصر؛ لأن قول المؤمنين حال حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إن كان مطابقًا لقوله، كانت الحجة في قوله، لا في قولهم؛ فيصير قولهم لغوًا، ولما بطل ذلك، ثبت أن المراد إيجاب العمل بقول المؤمنين، في أي عصرٍ كان.
قوله: (المراد: كل مؤمني العصر، أو بعضهم؟):
قلنا: ظاهره الكل، إلا ما أخرجه الدليل المنفصل، وهم العوام، والأطفال والمجانين، فبقي غيرهم، وهم جمهور العلماء، داخلا تحت الآية.