وقول معاذ: (أجتهد رأيي) بعد ذكر النصوص وعدمها.
(مسألة)
قال الشيخ أبو إسحاق في (اللمع): لا يجوز النسخ إلا في التكاليف بما يصح وقوعه على وجهين كالعبادات، فيصح أن الصوم يصح بالليل بدلا عن النهار، ويصح بالنهار بدلا عن الليل، والتوجه للكعبة وغيرها.
أما ما لا يصح وجوده إلا على وجهٍ واحدٍ كالتوحيد وصفات الذات ونحوه، فإن النسخ فيه لا يجوز.
قلت: ولم يحك في هذا خلافًا، ولا يبعد رده إلى المسألة التي حكاها سيف الدين عن المعتزلة: حسنه لذاته كالعدل، وقبحه لذاته كالظلم، ولا يلزم من كون التوحيد واجب الوجود وصفات الذات، وأنها واجبة - أن تكون كذلك، ولا يقبل إلا وجهًا واحدًا، أن يكون التكليف بها واقعًا، فعندنا قبل البعثة لم يقع التكليف بها كما تقدم أول الكتاب، وإذا أمكن عدم التكليف بها، فقد قبلت الوجهين باعتبار التكليف، لا باعتبارها في أنفسها التكليف وعدمه، وإذا قبلت التكليف وعدمه قبلت أيضًا التكليف بتحريم اعتقادها بناء على أصلنا في جواز تكليف ما لا يطاق؛ فإنه عندنا بناء على هذا الأصل يجوز التكليف بتحريم اعتقاد كون الواحد نصف الاثنين ونحو ذلك، وإذا تصور التكليف بتحريم اعتقادها تصورت الأحكام الخمسة فيها، فأمكن التنقل بينها كلها بالنسخ، فما قاله - رحمه الله - غير متجه، مع أنه صمم عليه، فلم يحك فيه خلافًا، وظاهر كلامه في (اللمع) يقتضي أنه مجمع عليه.
(مسألة)
قال الشيخ أبو إسحاق في (اللمع): الصحيح من المذهب جواز النسخ بدليل الخطاب؛ لأنه في معنى النطق.