قلنا: الفرق أن النسخ قضاء بالرفع على حكم علم ثبوته في هذا الفرد باعتبار الزمان المستقبل، فيتعين الاحتياط فيه، والتخصيص لم يتعين فيه ذلك، بل هو غير مراد قطعًا، فضعف أمره.
قوله: "نسخ الكتاب في قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي ... الآية} [الأنعام: 145] بنهيه عليه السلام عن أكل كل ذي ناب من السباع ".
قلنا: الآية اجتمع فيها لفظان متعارضان، فيتعين صرف أحدهما للآخر، فلفظ (أوحى) ماض لا يتناول إلا إلى حين ورود الآية ولفظ (لا) لنفي المستقبل بنص سيبويه، وكما في قوله تعالى: {لا يموت فيها ولا يحيا} [الأعلى: 13]، والمراد الاستقبال بالضرورة.
قال النحاة: (لم) و (لما) لنفي الماضي، و (ما) و (ليس) لنفي الحال، و (لا) لنفي المستقبل، غير أن (لن) نص في العموم من (لا)، وحينئذ لا بد من صرف (لا) لـ (أوحي) أو صرف (أوحي) للفظ (لا) فإن صرفنا (لا) للفظ (أوحي)، فلا نسخ؛ لعدم التعارض بين الآية والخبر، وإن عكسنا كان تخصيصًا لا نسخًا، فلا حجة فيه.
قوله: "خصص قوله عليه السلام: (لا تنكح المرأة على عمتها) قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} [النساء: 24] ".
قلنا: لا نسلم، بل ذلك تخصيص له، وليس هو من النسخ في شيء، سلمنا أنه نسخ، لكن لا نسلم أنه حين قضى بالنسخ كان آحادًا؛ فإن هذا