والجواب عن الحجة الخامسة: أنّا سنبين ضعفها في باب خبر الواحد، إن شاء الله تعالى.
القسم الثاني
في الناسخ والمنسوخ
قال القرافي: قوله: "يجوز نسخ الآحاد بالآحاد كقوله عليه السلام: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)."
قلنا: هذا إنما يصح أن لو قلنا الآن حين حدث النسخ؛ لأنهما آحاد في زماننا، وليس كذلك، بل هذا النسخ وقع في زمانه عليه السلام أو سمعوا اللفظ منه عليه السلام في الموطنين، فاللفظان حينئذ يقطع بصدورهما منه عليه السلام فإن السماع مشافهة يفيد القطع بالنطق كالتواتر، فهذا المثال ليس من هذا الباب وإنما كان يكون منه لو سكت عن هذه المسألة إلى حين نقل هذا اللفظ، ولم يوجد إلا بطريق الآحاد، وكذلك السؤال في شارب الخمر؛ لأن الجميع وقع في زمانه عليه السلام الأمر بقتله، وترك قتله.
قوله: "الصحابة كانوا يتركون الكتاب بخبر الواحد، كقول عمر رضي الله عنه: (لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدق أم كذبت) ".
قلنا: لاحجة فيه؛ لأنه علل الرد بعدم الوثوق بصدقها، وحصول الشك فيه، والكلام في خبر الواحد إذا كان ظاهر العدالة، سالمًا عن المطاعن.
قوله: "جاز التخصيص بخبر الواحد، فيجوز النسخ به".