تقريره: أن الفعل لا يكون دليلًا شرعيًا؛ حتى يرد النص بنصبه دليلًا، وأما القول، فهو دليل بالوضع من غير نصبه من جهة الشارع.
فإن قلت: لو لم قرر الشرع أحكامه، وشريعته على اللغة العربية، لما اعتبرنا أوضاع العرب، وإن كانت تدل على الأحكام، بل لما ورد قوله تعالى: {قرآنًا عربيًا} [الزمر: 28] وغير ذلك من النصوص، اعتبرنا أوضاع العرب، فقد صارت الأقوال تفتقر للأدلة السمعية، كالأفعال.
قلت: هذا مسلم وسؤال حسن، غير أن الترجيح هاهنا بأصل الفهم لا بالفهم المخصوص، فاللفظ يفهم من حيث إنه موضوع، ورد الشرع باعتباره أم لا، والفعغل لا يكون مفهمًا إلا بتنصيص الشارع على ذلك.
فإن قلت: اللفظ الموضوع لا يصح الجزم بأنه لا يفتقر إلى الفعل، فقد يفتقر إلى الفعل حالة المواضعة؛ كالإشارة من الواضع أن هذا اللفظ موضوع لذلك، أو غير ذلك من الأفعال التي بها يعلم الولد لغة أبويه.
قلت: الفعل لا يتعين في الوضع، بل القرائن المفيدة للوضع أعم نت الأقوال والأفعال، وأما الفعل فلا بد فيه من القول.
وهذا كاف في الترجيح.
قوله: "نقطع بأن القول قد يتناولنا؟ وأما الفعل، فبتقدير أن يتأخر، كان متناولًا لنا، وبتقدير التقدم، لا يكون متناولًا لنا":
تقريره: أن الفعل، إذا تقدم، كان منسوخًا، فلا يتناولنا، وإن تأخر، لم يكن منسوخًا بالقول، فقد ترد بين التناول وعدمه؛ بخلاف القول.
فإن قلت: هذا التقدير مشترك في القول أيضًا؛ لأنه إن تقدم، كان منسوخًا أيضًا؛ فقد دار أيضًا بين النسخ وعدمه.
قلت: سؤال حسن قوي، وقد أشكل على جماعة من الفضلاء جوابه.