وإن قلنا بالسقوط؛ لأنا نجعل هذا القول المتأخر مانعًا من لزوم تكرار الفعل في حقه عليه السلام لأن الفعل الذي وقع لا يمكن أن يقال: سقط عنه؛ لأن التصرف في الواقعات محال، فلم يبق إلا لزوم التكرار، فيكون هذا القول المتأخر مخصصًا للدليل الدال على أن الفعل ينبغي أن يتكرر، فيحمل على ما عدا هذا الفعل، فيثبت التخصيص بالنسبة إلى ذلك الدليل، لا بالنسبة إلى عموم هذا الفعل، وأما في حقنا فيجعل القول المتأخر مانعًا من لزوم مثل الفعل المتقدم لنا، فيكون مخصصًا لأدلة التأسي، فنحملها على ما عدا هذا الفعل، فقوله: "سقط الفعل عنه وعنهم" لا يستلزم تخصيصًا بين هذين الدليلين، ولا نسخًا؛ بل التخصيص في أدلة أخرى؛ كما تقدم.
ولا يلزم هاهنا سؤال النسخ بالمقارن؛ لأنا لم نقل به، بل قلنا بالسقوط، وهو أعم.
قوله: " وإن تراخي القول عن الفعل، وهو عام فيه عليه السلام وفي أمته، نسخ حكم الفعل عنه وعن أمته ".
تقريره: أنا حكمنا هاهنا بالنسخ؛ لوجود التراخي، الذي هو شرط النسخ؛ كما سيأتي في حده، وقد ثبت حكم التكرار في حقه عليه السلام، ولزوم مثله لنا بمضي زمان يقبل ذلك، وجاء القول بعد ذلك يمنع من الأمرين، وهذا هو النسخ؛ لأن النسخ تخصيص في الأزمان على ما سيأتي، وعلى رأي القاضي أيضًا يتأتى ذلك بأن نقول: كان لزوم التكرار، ولزوم مثله علينا، ثابتا في نفس الأمر، وهذا القول المتأخر نسخه وقطعه، فتصور النسخ على المذهبين؛ فلذلك صرح هاهنا بالنسخ، ولم يصرح به في القسم الذي قبله؛ حيث كان القول متعقبًا، بل صرح بالسقوط الذي هو أعم.
قوله: "دلالة الفعل لا تستغني عن القول":