النسخ على شيء واحد باعتبار زمانين، وفي التخصيص مورد الإرادة غير مورد عدمها، فهذا فرق محقق؛ لكنه لا يلزم منه رفع الحكم بعد ثبوته؛ لأنه لم يرتفع شيء إلا باعتبار الاعتقاد، وهو مشترك في التخصيص.
قوله: " النسخ يجب أن يكون متراخيا، والتخصيص لا يجب أن يكون متراخيا "
تقريره: أن الناسخ لو تعجل للإعلام به، فقال: يجب عليكم صوم عاشرواء إلى سنة كذا، ثم أنسخه عنكم، صار الوجوب معينا ينتهي بذاته، والمنتهي بذاته لا يصدق عليه النسخ؛ لقوله تعالى: {ثم أتموا لصيام إلى الليل} [البقرة: 187] فإنه لا يصدق عليه بعد غروب الشمس أنه نسخ، ولا يقبل النسخ، فهذا هو موجب التراخي في النسخ؛ لئلا تبطل حقيقته؛ ولذلك قالت المعتزلة: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب، إلا في النسخ.
قالوا: يجوز لذلك، وأما التخصيص، فقد يكون مقارنا، لاسيما بالغاية، والصفة، والشرط؛ نحو:" اقتلوا المشركين؛ حتى يعطوا الجزية، أو اقتلوا المشركين المحاربين " فهذه تخصيصات يجب اتصالها بالعمومات؛ لأنها لا تستقل بأنفسها.
قوله: " على اختلاف القولين " يشير إلى ما سيأتي من جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب عندنا؛ خلافا للمعتزلة، فإنا، وإن قلنا: بجواز التأخير لا نقول به في المخصصات المتصلة التي هي الغاية، والصفة، والشرط؛ لأنها ألفاظ لا يجوز النطق بها مفردة لغة؛ لعدم إفادتها، بل لا ينطق بها إلا مع العمومات.
قوله: " التخصيص [قد] يقع بخبر الواحد، والقياس، والنسخ لا يقع بهما ".
قلنا: بلى، يصح بهما، إذا كان المنسوخ أخبار آحاد، وإنما يصح ما