أحدها: أن الاستثناء مع المستثنى منه كاللفظة الواحدة الدالة على شيء واحد؛ فالسبعة مثلا لها اسمان: سبعة، وعشرة إلا ثلاثة، والتخصيص ليس كذلك.
وثانيها: أن التخصيص يثبت بقرائن الأحوال؛ فإنه إذا قال: " رايت الناس " دلت القرينة على أنه ما رأى كلهم، والاستثناء لا يحصل بالقرينة.
وثالثها: أن التخصيص يجوز تأخيره لفظا، والاستثناء لا يجوز فيه ذلك، وهذه الوجوه متكلفة، والحق أن التخصيص جنس تحته أنواع؛ كالنسخ، والاستثناء، وغيرهما.
المسألة الثانية
الفرق بين التخصيص والنسخ
قال القرافي: قوله: " النسخ لا معنى له، إلا تخصيص الحكم بزمان معين ".
قلنا: هذا يتجه فيما فعل، لو مرة واحدة، لكن من صور النسخ عندنا: النسخ قبل التمكن، وقبل إتيان زمان الفعل؛ وحينئذ يكون النسخ إبطالا للحكم بالكلية، فلا يقال: إن ذبح غسحاق عليه السلام تخصيص ببعض الأزمنة، بل ما وقع ولا يقع، وهذا التفسير يتجه على طريق المعتزلة، أما عندنا فلا.
قوله: " فيكون الفرق بين النسخ والتخصيص فرق ما بين العام والخاص ".
قلنا: هذا غير متجه؛ لأن التخصيص قد يكون في الأشخاص؛ كإخراج بعض الأشياء عن قوله تعالى: {وأوتيت من كل شيء} [النمل: 23] وقد يكون بإخراج بعض الأزمنة؛ كقولك: والله، لا كلمته في جميع الأيام، وتريد بعضها، والنسخ لا يكون في بعض الأزمنة، كما تقولون، لكن ذلك الحكم المنسوخ قد لا يكون ثابتا بالنصوص، بل بالفعل، أو