نفسه، وإنما يُذَمُّ القصد الصارف له إلى الباطل، فما من شيء في العالم إلا هو كذلك، قال الله تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}، فجعل الجميع فتنة إشارة لما ذكرته، وأصول الفقه وأصول الدين من الفروض المتعين إقامتها وضبطها، لوجوب الحجة لله - تعالى - على خلقه، وإيضاح أحكام شريعته، وسيأتى في ((المحصول)) أنه من فروض الكفايات الحسنة الجليلة التى لها شئون، وشرف عظيم على غيرها.
البحث الثالث
في تسمية الكتاب بـ ((المحصول))، وهو مشكل، لأن الفعل إن كان حَصَلَ فهو قاصر ليس له مفعول، فلا يقال: محصول لأنه اسم مفعول، وإن كان حصَّل بالتشديد فاسم المفعول منه مُحصَّل، نحو كسَّرته فهو مكسَّر، وجرَحْته فهو مُجَرَّح، فمحصول لا يتأتى منه، وليس للعرب هاهنا إلا حَصَلَ وحصَّل، فعلى هذا لفظ محصول ممتنع لغة، والجواب من وجوه:
أحدها: أن صيغة مفعول تكون لغة للمصدر، تقول العرب: فلانٌ لا معقول له أى لا عقل له، وكذلك قيل: في قوله تعالى: {بأيكم المفتون}، أى الفتنة، فيكون المحصول بمعنى الحصول، ولا شك أن هذا الكتاب فيه حصول لأنواع من العلوم والفوائد.
وثانيها: أن ((حصل)) القاصر يتعدى بحرف جر تقول: حصل بكذا، فيكون هذا الكتاب قد حصل به العلم للمشتغل به، ولا شك أن كذلك، فيصدق عليه أنه محصول به.