من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون}، وتجادل الأنبياء عليهم السلام.
وفي الصحيح: ((تحاجّ آدم وموسى - عليهما السلام - فقال موسى لآدمَ -صلواتُ الله عليهم أجمعين - أنتَ آدَمُ خلقك الله بيدهِ وأسجدَ لكَ الملائكة، وعاتبه على أكل الشجرة، فقال له آدم في آخر كلامه: أتلومني على أمر قد قُدّر علىَّ؟ قالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ: فحجَّ آدم موسى)) أى ظهرت حجته عليه. الحديث.
وحاجت الأنبياء أممها، وجادلتها قال الله تعالى: {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه}، وحكى المجادلة إلى آخرها إلى قوله تعالى: {فبهت الذي كفر}، وقال تعالى: {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا}، وقال تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}، وقال تعالى {وجادلتهم بالتي هي أحسن}، وقال تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} وهو كثير جدا.
فالجدال أصله اللَّىُّ والفَتْلُ، وجَدَلت الحبل إذا فتلته، ومنه سمى الصَّقر أجدل لانبرام جسمه وشدته، فمن لوى إلى الحق فهو محمود، ومن لوى إلى الباطل فهو مذموم، فالجدال كالسَّيف آلة عظيمة حسنة في نفسها، وإنما يَعْرض لها الذم من جهة ما تعمل فيه، فمن قطع به الطريق، وأخاف به السبيل على المسلمين ذُمّ، فكما لا يذم السيف في نفسه لا يذم الجدال في