وإن غفل عنها يتعلق طلبه في مقصوده بوجهه الأعم، وهو كونه لا يتم مطلوبه إلا به، ويتصور من الإنسان طلب ما لا يحيط بتفاصيل ماهيته؛ ولأنه بتقدير ترك الوسيلة يتعرض للعقاب المتوعد المتوعد به على المطلوب، فإن تركه ترك المطلوب وهو قادر عليه بتوسط ما لا بد منه، ولا معنى للواجب إلا ما يترجح جانب فعله على جانب تركه لدفع عقاب يلزم على تقدير تركه.
قلت: وكلامه هذا يشعر بأن طلب الفعل طلب لمقدماته بالطلب النفساني لأنه جعل نفس الطلب الوسيلة، وعضده بأن العقل لا يمنع منه؛ لأنه يطلبه إجمالا لا تفصيلا، فعلى هذا يكون اللفظ أيضا دالا عليه تضمنا أو التزاما، وقد تقدمت الإشارة إلى إمكان دعوى هذا الخلاف فيه، وأنهيشبهه دلالة الأمر على النهي عن الضد، وفي كلامه الآخر منه، فلا نسلم أن لا معنى للواجب إلا ما فسره به، بل لا معنى للواجب إلا ما ترجح فعله لدفع عقاب يلحقه على تركه لما هو تركه لا لأجل غيره، ففي كلامه مصادرة، فيعارض الخصم حده الواجب بهذا الحد الآخر فلا يتم مقصوده.
(سؤال)
مالفرق بين هذه المسألة، والمسألة التي بعدها أن الأمر بالشيء نهي عن ضده؛ لأن عدم الضد مما يتوقف عليه الواجب وبين قوله: ومتعلق النهي فعل ضد المنهي عنه؟
فروع
الأول: قوله: (إذا أمر الله تعالى بإيلام زيد، فلا طريق له إا الضرب في البدن الصحيح)
يريد: الإيلام الخاص الناشئ عن الضرب، أما مطلق الألم، فيحصل بالكلام وغيره من المؤذيات، وقوله: (الصحيح) احتراز عما يعرض في