أَن يكون لَهُ التَّقَدُّم فِي كل شَيْء وَفِي كل مرتبَة وَإِنَّمَا نظر الرِّجَال إِلَى التَّقَدُّم فِي رتب الْعلم بِاللَّه هُنَا مطلبهم
وَأما حوادث الأكوان فَلَا تعلق لخواطرهم بهَا
فتحقق مَا ذَكرْنَاهُ
أَقُول انْظُر إِلَى دَعْوَاهُ أَنه أَعلَى من خَاتم الرُّسُل من وَجه وَانْظُر إِلَى استدلاله وتناقضه فِيهِ حَيْثُ اسْتدلَّ بِقصَّة عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي أُسَارَى بدر وبقصة تأبير النّخل على ادعائه أَن الْأَدْنَى يكون أَعلَى من وَجه ثمَّ نَاقض نَفسه وَهُوَ لَا يشْعر بقوله وَإِنَّمَا نظر الرِّجَال الخ
وَهل أُمُور الْحَرْب الَّتِي تضمنتها قصَّة عمر وتأبير النّخل إِلَّا من حوادث الأكوان الَّتِي لَا تعلق لنظر الرِّجَال بهَا وَأي تعلق لهاتين الْقصَّتَيْنِ بِالْعلمِ بِاللَّه تَعَالَى ثمَّ لَا يتم أَن الْعلم الَّذِي ذكره ومدحه هُوَ الْعلم بِاللَّه الْمُقْتَضِي للأفضلية بل هُوَ علم حوادث الأكوان أَيْضا فَإِن الْعلم بِأَن الْمنح والهبات والعطايا الذاتية لَا تكون إِلَّا عَن مَحل ذاتي وَأَن ذَلِك التجلي لَا يكون إِلَّا بِصُورَة استعداد المتجلى لَهُ إِنَّمَا يرجع إِلَى معرفَة حقائق المكونات ووقوعها على الْوَجْه الَّذِي وجدت عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِك من الْعلم بِاللَّه تَعَالَى فِي شَيْء إِنَّمَا الْعلم بِاللَّه تَعَالَى مَا يقتضى خَشيته كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء}
وَذَلِكَ هُوَ الْعلم بعظمته وجلاله وكبريائه وَسَائِر صِفَاته المفضي إِلَى امْتِثَال أوامره ونواهيه واقتفاء مَا يقرب إِلَيْهِ