حجر على الخليفة، وسد بابه، وأدار على قصره سوراً وثيقاً، وأيده بحراسة مشددة فلا يطمع أحد بمقابلة الخليفة إلا بإذن ابن أبي عامر، ولتبرير فعله هذا أشاع في الناس أن الخليفة قد فوض إليه أمر تدبير الدولة ليتفرغ هو لعبادة ربه1، وبذلك ضمن التحرر نهائياً من الخليفة وسلطانه.
وكان ابن أبي عامر "المنصور" يتدرج في مناصب الدولة، وفي كل مرة يُظهر أمر الخليفة بمنحه منصباً جديداً أو لقباً إضافياً، وإن كان الواقع يشير إلى أن الخليفة ليس له من الأمر شيء، إذ لم يبق له من رسوم الدولة سوى السكة والخطبة2.
ورغبة من المنصور في ترك أثر له على العمارة فقد ابتدأ سنة 377هـ (987م) بإجراء التوسعة من الناحية الشرقية لجامع قرطبة، دونما اهتمام بالزخرفة3، كما بدأ في سنة 378هـ (988م) ببناء القنطرة4 على نهر