ومنذ تلك المحاولة الانقلابية الفاشلة شعر ابن أبي عامر بخطورة الأمويين عليه، فاستخدم معهم أسلوباً قاسياً، لشل حركتهم، وجعلهم دائماً تحت رقابته، فقد بث عليهم العيون، وفرض عليهم الإقامة الجبرية في منازلهم، لا يغادرونها إلا لضرورة قصوى، كما منع الزيارات عنهم إلا لمن يأذن فيه من غلام أو وكيل أو معلم أو طبيب، وفوق كل ذلك كان يصطحبهم معه أثناء خروجه للغزوات، حتى ذلوا وانكسرت نفوسهم واشتغل كل منهم بأمره1.

وإمعاناً من ابن أبي عامر في الاحتياط لنفسه، ولشدة إعجابه بالخليفة عبد الرحمن الناصر وحرصاً منه على التشبه به، ابتدأ سنة 368هـ (979م) ببناء مدينة الزاهرة2، وبعد اكتمالها انتقل إليها واستوطنها ونقل إليها كافة دواوين الدولة3، وأمر كل من له حاجة أن يأتي إلى مدينته بدلاً من قصر الخليفة وأصبح هو الآمر الناهي، بعد أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015