بالتأييد والموافقة، معتمدًا عليه، مستشهدًا بآرائه. بخلاف ذكره لبقية الأصوليين، حيث يكثر من نقدهم ومعارضتهم، وخاصة منهم الرازي!

وأكثر من هذا، فإنه ينوه ويشيد ببعض كتابات الغزالي وآرائه، على نحو لا يفعله مع غيره من العلماء "باستثناء الإمام مالك طبعًا". وفيما يلي نماذج من تلك الإشادات، وهي مشيرة إلى مدى اعتماده عليه:

ففي مباحث الأسباب والمسببات، تعرض لما ينبغي للمكلف، وهو يتعاطى الأسباب، من النظر إلى نتائجها ومآلاتها، قال "وقد قرر الغزالي هذا المعنى في كتاب الإحياء وفي غيره بما فيه كفاية"1.

وعندما تكلم عن الصحة والبطلان ومعناهما عند الفقهاء، تطرق إلى معناهما الأخروي، وهو كون العمل مقبولًا مأجورًا عند الله، أو بخلاف ذلك. ثم قال: "وهو وإن كان إطلاقًا غريبًا لا يتعرض له علماء الفقه، فقد تعرض له علماء التخلق، كالغزالي وغيره. وهو مما يحافظ عليه السلف المتقدمون. وتأمل ما حكاه الغزالي في كتاب النية والإخلاص، من ذلك2.

وفي سياق تشنيعه على الذين يقحمون في تفسير القرآن علومًا بعيدة عنه، ويزعمون أن ذلك يساعد في فهم مقاصد القرآن، أشار إلى ما ذهب إليه من ذلك ابن رشد الحفيد، حيث ذهب إلى أن علوم الفلسفة مطلوبة، لأن الفهم الحقيقي للشريعة ومقاصدها لا يتأتى إلا بها، وبعد أن انتقده بشدة غير معهودة، قال: "ولا ينبئك مثل خبير فأبو حامد ممن قتل هذه الأمور خبرة، وصرح فيها بالبيان الشافي، في مواضع من كتبه"3.

وقد ذهب -مثل عدد من العلماء- إلى أنه لو عم الحرام الأرض، وتعذر على المكلف الكسب الحلال والمأكل الحلال، فله أن يكتسب ويأكل ما تيسر له،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015