والغزالي، هو أكثر من يذكرهم الشاطبي من الأصوليين. يليه1 -وبفارق كبير- الرازي فالجويني، ثم القرافي فابن عبد السلام.
أما الجويني -وهو أقدم هؤلاء- فقد رأينا سبقه في وضع لبنات أولى لصياغة نظرية المقاصد. فالشاطبي-كغيره- مدين له في هذا، بشكل مباشر وغير مباشر.
وبالإضافة إلى هذه الاستفادة العامة من أفكار الجويني في المقاصد، فإننا نجد مسائل معينة عند الشاطبي، يمكن إرجاع أصلها إلى كلام الجويني.
من ذلك ما سبق من القول بأن أصول الفقه قطعية لا ظنية. وهي المسألة التي افتتح بها الشاطبي "الموافقات"، وهي أيضًا في الصفحات الأولى من "برهان" الجويني.
ومن ذلك
ما تقدم عند الشاطبي من كون الأحكام تختلف بحسب الكلية والجزئية. فقد يكون الفعل مباحًا بالجزء، لكنه واجب أو مندوب بالكل2 وبهذا الميزان قرر -في كتاب المقاصد- أن مجموع الحاجيات والتحسينيات، ينتهض أن يكون كل واحد منهما كفرد من أفراد الضروريات3.
وشبيه بهذا النظر، نجده عند إمام الحرمين، حيث يرى -مثلًا- أن البيع يعتبر من الضروريات بالنظر إلى العموم، بحيث "إن الناس لو لم يتبادلوا ما بأيديهم لجر ذلك ضرورة ظاهرة. فمستند البيع إذا، آيل إلى الضرورة الراجعة إلى النوع والجملة"4. أي أنه من حيث الجزء "بالنسبة للفرد الواحد" إنما هو من الحاجيات، ولكنه بالنسبة إلى مجموع الناس أمر ضروري.