لك وانكسر. فلا تصلح هذه الشجرة إلا أن تقطع فتصير وقودًا للنار. فكذلك القلب إنما ييبس إذا خلا من ذكر الله، وأصابته حرارة النفس وملاذ الشهوات، فامتنعت الأركان من الطاعة. فإذا مددتها انكسرت ولا تصلح إلا أن تكون حطبًا للنار الكبرى"1.
ثم يقول: "فكل صلاة هي توبة، وما بين الصلاتين غفلة وجفوة، وزلات وخطايا: فبالغفلة يبعد من ربه، فإذا بعد أشر وبطر، لأنه يفتقد الخشية والخوف، وبالجفوة يصير أجنبيا، وبالزلة يسقط وتنزلق قدمه فتنكسر، وبالخطايا يخرج من المأمن فيأسره العدو.
فأفعال الصلاة مختلفة على اختلاف الأحوال من العبد: فبالوقوف يخرج من الآباق، لأنه لما انتشرت جوارحه، نقصت تلك العبودية وأبق من ربه. فإذا وقف بين يديه فقد جمعها من الانتشار ووقف للعبودية، فخرج من الآباق. وبالتوجه إلى القبلة يخرج من التولي والإعراض. وبالتكبير يخرج من الكبر. وبالثناء يخرج من الغفلة، وبالتلاوة يجدد تسليمًا للنفس وقبولًا للعهد. وبالركوع يخرج من الجفاء، وبالسجود يخرج من الذنب، وبالانتصاب للتشهد يخرج من الخسران. وبالسلام يخرج من الخطر العظيم"2.
ثم أخذ في تفصيل هذه الإشارات المجملة في بقية فصول الكتاب.
وللترمذي الحكم كتاب آخر يبدو أنه على غرار كتابه السابق، وهو: "الحج وأسراره". ورغم أن هذا الكتاب لم يتم تحقيقه ونشره، فقد طمأننا أحد الباحثين على وجوده مخطوطًا3.