سجود القلب:

قيل لبعض العارفين: أيسجد القلب؟ قال: نعم يسجد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء، فهذا سجود القلب (?) .

فقلب لا تباشره هذه الكسرة فهو غير ساجد السجود المراد منه، وإذا سجد القلب لله- هذه السجدة العظمى- سجدت معه جميع الجوارح، وعنا الوجه حينئذ للحي القيوم، وخشع الصوت والجوارح كلها، وذل العبد وخضع واستكان، ووضع خده على عتبة العبودية، ناظرا بقلبه إلى ربه ووليه نظر الذليل إلى العزيز الرحيم، فلا يرى إلّا متملقا لربه، خاضعا له، ذليلا مستعطفا له، يسأله عطفه ورحمته (?) ، (?) .

اليقظة أول مفاتيح الخير وهي (منشأ الطمأنينة) :

إذا اطمأنت النفس من الشك إلى اليقين، ومن الجهل إلى العلم، ومن الغفلة إلى الذكر، ومن الخيانة إلى التوبة، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن العجز إلى الكيس، ومن صولة العجب إلى ذلة الإخبات ومن التيه إلى التواضع، ومن الفتور إلى العمل فقد باشرت روح الطمأنينة (?) ، وأصل هذا كله ومنشؤه من اليقظة فهي أول مفاتيح الخير لأن الغافل عن الاستعداد للقاء ربه والتزود لمعاده بمنزلة النائم بل أسوأ حالا منه؟ فإن العاقل يعلم وعد الله ووعيده وما تقتضيه أوامر الرب تعالى ونواهيه وأحكامه من الحقوق، لكن يحجبه عن حقيقة الإدراك ويقعده عن الاستدراك سنة القلب (?) . وهي غفلته التي رقد فيها فطال رقوده، وركد وأخلد إلى نوازع الشهوات فاشتد إخلاده وركوده، وانغمس في غمار الشهوات، واستولت عليه العادات ومخالطة أهل البطالات، ورضي بالتشبه (بأهل إضاعة الأوقات) ، فهو في رقاده مع النائمين، وفي سكرته مع المخمورين، فمتى انكشف عن قلبه سنة هذه الغفلة بزجرة من زواجر الحق في قلبه استجاب فيها لواعظ الله في قلب عبده المؤمن، أو بهمّة عالية أثارها معول الفكر في المحل القابل فضرب بمعول فكره وكبر تكبيرة أضاءت له منها قصور الجنة فقال:

ألا يا نفس ويحك ساعديني ... بسعي منك في ظلم الليالي

لعلك في القيامة أن تفوزي ... بطيب العيش في تلك العلالي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015