قبل أن نتحدث عن العلاقة بين النفس الإنسانية والابتلاء فإنه يجمل بنا نشير- بإيجاز- إلى المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ «نفس» أما لفظ «إنسانية» فهو مصدر صناعي من كلمة «إنسان» وقد تحدثنا في صفة «تكريم الإنسان» عن هذا اللفظ لغة واصطلاحا (?) ، فأغنى عن ذكره هنا.
لفظ «النفس» في اللغة يطلق ويراد به معان عديدة: منها النفس بمعنى الروح، والنفس بمعنى جملة الشيء وحقيقته، والنفس ما يكون به التمييز، والنفس: العين كما في قولهم أصابت فلانا نفس، وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن لكل إنسان نفسين: إحداهما نفس العقل التي يكون بها التمييز، والأخرى نفس الروح الذي تكون بها الحياة، وقال بعض اللغويين: النفس والروح واحد، وقال آخرون: بل هما متغايران إذ النفس هي مناط العقل، والروح مناط الحياة، وسميت النفس نفسا لتولّد النّفس منها واتصاله بها، كما سموا الروح روحا لأن الروح موجود بها (?) .
النفس في اصطلاح علماء الأخلاق هي كما يقول الجرجاني: الجوهر البخاري اللطيف الحامل لقوة الحياة، والحس والحركة الإرادية (?) .
ويقول المناوي: هي جوهر مشرق للبدن ينقطع ضوءه عند الموت من ظاهر البدن وباطنه، وأما وقت النوم فينقطع ضوءه عن ظاهر البدن دون باطنه، فالموت انقطاع كلي، والنوم انقطاع خاص، وعلى ذلك فيكون تعلقها بالإنسان على ثلاثة أضرب: إن غلب ضوء النفس على جميع أجزاء البدن ظاهره وباطنه فهو (حال) اليقظة، وإن انقطع عن ظاهره فقط فهو النوم (?) ، وإن انقطع بالكلية فالموت (?) .
أما النفس الإنسانية فهي تلك النفس الناطقة التي تحوز جميع خصائص النفوس الأخرى وتزيد عليها قوة العقل والإرادة (?) .