جمع الشّيء: ألّف متفرّقه، وأصل المعنى الضّمّ، قال ابن فارس: الجيم والميم والعين، أصل واحد يدلّ على تضامّ الشّيء، يقال: جمعت الشّيء جمعا، وتجمّع القوم، اجتمعوا من هنا وهنا، واجتمع القوم: انضمّوا، وهو ضدّ تفرّقوا.
وجمع أمره وأجمعه وأجمع عليه: عزم عليه كأنّه جمع نفسه له، والأمر مجمع، ويقال أيضا: أجمع أمرك ولا تدعه منتشرا وأجمعت الشّيء: جعلته جميعا، (أي مجتمعا) ، ويقال: جمّع النّاس تجميعا: شهدوا الجمعة وقضوا الصّلاة فيها. وجمّع: شدّد للكثرة. يقال: فلاة مجمعة ومجمّعة: يجتمع النّاس فيها ولا يتفرّقون.
وأجمع القوم: اتّفقوا، وأجمع الرّأي والأمر: عزم عليه» .
قال الشّيخ أحمد شاكر في قوله تعالى:
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا: أمرهم بالجماعة، ونهاهم عن التّفرّق، وقد وردت الأحاديث المتعدّدة بالنّهي عن التّفرّق، والأمر بالاجتماع والائتلاف، وقد وقع ذلك في هذه الأمّة فافترقوا على ثلاث وسبعين فرقة، منها فرقة ناجية إلى الجنّة
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
6/ 22/ 13
ومسلّمة من عذاب النّار، وهم الّذين على ما كان عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه (?) .
لا يختلف معنى الاجتماع في الشّرع عن المعنى الّذي يفيده في أصل اللّغة. وهو أن يلتقي المسلمون وينضمّ بعضهم إلى بعض ولا يتفرّقوا، أمّا الأمر الّذي يجتمعون حوله فهو كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
وقال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى:
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (آل عمران/ 103) : إنّ الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة لأنّ الفرقة هلكة والجماعة نجاة، روي عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- في الآية الكريمة أنّ حبل الله هو الجماعة (?) . قال القرطبيّ: ويجوز أن يكون المعنى: ولا تفرّقوا متابعين الهوى والأغراض المختلفة بدليل قوله تعالى بعد ذلك: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً. وليس في الآية دليل على تحريم الاختلاف في الفروع؛ لأنّ الاختلاف ما يتعذّر معه الائتلاف والجمع، وليست كذلك مسائل الاجتهاد؛