هل يصلّى على آله صلّى الله عليه وسلّم منفردين عنه؟ فهذه المسألة على نوعين:
أحدهما: أن يقال: «اللهمّ صلّ على آل محمّد» فهذا يجوز، ويكون صلّى الله عليه وسلّم داخلا في آله، فالإفراد عنه وقع في اللّفظ، لا في المعنى.
الثّاني: أن يفرد واحد منهم بالذّكر، فيقال: اللهمّ صلّ على عليّ، أو على حسن، أو حسين، أو فاطمة، ونحو ذلك، فاختلف في ذلك وفي الصّلاة على غير آله صلّى الله عليه وسلّم من
الصّحابة ومن بعدهم، فكره ذلك مالك، وقال: لم يكن ذلك من عمل من مضى، وهو مذهب أبي حنيفة أيضا، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثّوريّ، وبه قال طاوس.
وقال ابن عبّاس: لا ينبغي الصّلاة إلّا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
قال إسماعيل بن إسحاق: حدّثنا عبد الله بن عبد الوهّاب قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن زياد، حدّثني عثمان بن حكيم بن عبّاد بن حنيف، عن عكرمة عن ابن عبّاس أنّه قال: «لا تصلح الصّلاة على أحد إلّا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار» (?) .
وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز.
عن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز: أمّا بعد، فإنّ ناسا من النّاس قد التمسوا الدّنيا بعمل الآخرة، وإنّ القصّاص قد أحدثوا في الصّلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فإذا جاءك كتابي، فمرهم أن تكون صلاتهم على النّبيّين، ودعاؤهم للمسلمين عامّة» (?) .
وهذا مذهب أصحاب الشّافعيّ ولهم ثلاثة أوجه:
أحدها: أنّه منع تحريم.
والثّاني: وهو قول الأكثرين: أنّه منع كراهية تنزيه.
والثّالث: أنّه من باب ترك الأولى وليس بمكروه، حكاها النّوويّ في «الأذكار» قال: والصّحيح الّذي عليه الأكثرون أنّه مكروه كراهة تنزيه.
ثمّ اختلفوا في السّلام هل هو في معنى الصّلاة فيكره أن يقال: السّلام على فلان، أو قال: فلان عليه السّلام؟ فكرهه طائفة منهم أبو محمّد الجوينيّ، ومنع أن يقال: عن عليّ- عليه السّلام-، وفرّق آخرون بينه وبين