قال المؤلّف- رحمه الله-: أصل هذه اللّفظة في اللّغة يرجع إلى معنيين: أحدهما: الدّعاء والتّبريك.
والثّاني: العبادة، فمن الأوّل قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (?) .
وقوله تعالى في حقّ المنافقين: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ (?) . وقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
«إذا دعي أحدكم إلى الطّعام فليجب، فإن كان صائما فليصلّ» (?) فسّر بهما، قيل «فليدع لهم بالبركة» وقيل: «يصلّي عندهم» بدل أكله.
وقيل: «إنّ الصّلاة» في اللّغة معناها الدّعاء.
والدّعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، والعابد داع، كما أنّ السّائل داع، وبهما فسّر قوله تعالى:
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (?) . قيل: أطيعوني أثبكم، وقيل: سلوني أعطكم، وفسّر بهما قوله تعالى:
وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (?) .
والصّواب: أنّ الدّعاء يعمّ النّوعين: وهذا لفظ متواطيء لا اشتراك فيه، فمن استعماله في دعاء العبادة قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ (?) وقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (?) . وقوله تعالى: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ (?) .
والصّحيح من القولين لولا أنّكم تدعونه وتعبدونه، أي أيّ شيء يعبأ بكم لولا عبادتكم إيّاه، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل، وقال تعالى، ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً (?) وقال تعالى إخبارا عن أنبيائه ورسله: إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ