أنزلته في كتابك، أو علّمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي وغمّي، إلّا أذهب الله همّه وغمّه، وأبدله مكانه فرحا» ، قالوا: يا رسول الله أفلا نتعلّمهنّ؟ قال: «بلى ينبغي لمن سمعهنّ أن يتعلّمهنّ» (?) .

فالدّاعي مندوب إلى أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته كما في الاسم الأعظم «اللهمّ إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلّا أنت الحنّان المنّان بديع السّماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حيّ يا قيّوم» (?) .

وهذه الكلمات تتضمّن الأسماء الحسنى كما ذكر في غير هذا الموضع.

والدّعاء ثلاثة أقسام. أحدها: أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته، وهذا أحد التّأويلين في قوله تعالى:

وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها» .

والثّاني: أن تسأله بحاجتك وفقرك، وذلّك، فتقول: أنا العبد الفقير المسكين البائس الذّليل المستجير ونحو ذلك.

والثّالث: أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحدا من الأمرين، فالأوّل أكمل من الثّاني، والثّاني أكمل من الثّالث، فإذا جمع الدّعاء الأمور الثّلاثة كان أكمل.

وهذه عامّة أدعية النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفي الدّعاء الّذي علّمه صدّيق الأمّة- رضي الله عنه- ذكر الأقسام الثّلاثة، فإنّه قال في أوّله: «ظلمت نفسي ظلما كثيرا» ، وهذا حال السّائل ثمّ قال: «وإنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت» ، وهذا حال المسؤول، ثمّ قال: «فاغفرلي» (?) فذكر حاجته، وختم الدّعاء باسمين من الأسماء الحسنى تناسب المطلوب وتقتضيه.

وهذا القول الّذي اخترناه جاء عن غير واحد من السّلف، قال الحسن البصريّ: «اللهمّ» مجمع الدّعاء، وقال أبو رجاء العطارديّ: إنّ الميم في قوله «اللهمّ» فيها تسعة وتسعون اسما من أسماء الله تعالى: وقال النّضر بن شميل: من قال «اللهمّ» فقد دعا الله بجميع أسمائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015