كان أسلم لاجترأ عليه كفّارها وكبارها ولكن لمّا كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر هابوه واحترموه فلمّا مات عمّه أبو طالب نال منه المشركون أذى يسيرا ثمّ قيّض الله له الأنصار فبايعوه على الإسلام وعلى أن يتحوّل إلى دارهم وهي المدينة فلمّا صار إليها منعوه من الأحمر والأسود وكلّما همّ أحد من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين بسوء كاده الله وردّ كيده عليه (?) .
والأمثلة على عصمة الله لرسوله صلّى الله عليه وسلّم وكفّ الأعداء عنه كثيرة نكتفي بذكر نماذج منها:
- فعن أبي هريرة- رضي الله عنه-؛ قال: «قال أبو جهل: هل يعفّر محمّد وجهه (?) بين أظهركم؟ قال فقيل:
نعم. فقال: واللّات والعزّى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته. أو لأعفّرنّ وجهه في التّراب. قال فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلّي. زعم ليطأ على رقبته. قال فما فجئهم (?) منه إلّا وهو ينكص على عقبيه (?) ويتّقي بيديه. قال فقيل له: مالك؟ فقال: إنّ بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضوا عضوا» » .
- وعن أبي بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- في قصّة الهجرة النّبويّة قال: «فارتحلنا بعد ما مالت الشّمس، واتّبعنا سراقة بن مالك، فقلت: أتينا يا رسول الله، فقال: لا تحزن، إنّ الله معنا. فدعا عليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فارتطمت به فرسه إلى بطنها فقال: إنّي أراكما قد دعوتما عليّ، فادعوا لي، فالله لكما أن أردّ عنكما الطّلب. فدعا له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فنجا، فجعل لا يلقى أحدا إلّا قال: كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحدا إلّا ردّه، قال: ووفّى لنا» (?) .
- وعن سلمة بن الأكوع- رضي الله عنه-؛ قال: غزونا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حنينا ... فولّى صحابة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ... فلمّا غشوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (?) نزل عن البغلة، ثمّ قبض قبضة من تراب من الأرض، ثمّ استقبل به وجوههم، فقال: شاهت الوجوه (?) » فما خلق الله منهم إنسانا إلّا ملأ عينيه ترابا. بتلك القبضة. فولّوا مدبرين.
فهزمهم الله عزّ وجلّ. وقسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غنائمهم بين المسلمين» (?) .