- روى مسلم في صحيحه، عن جابر بن سمرة- رضي الله عنهما-؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّي لأعرف حجرا بمكّة كان يسلّم عليّ قبل أن أبعث. إنّي لأعرفه الآن» (?) .
قال الإمام النّوويّ معلّقا على هذا الحديث: فيه معجزة له صلّى الله عليه وسلّم وفي هذا إثبات التّمييز في بعض الجمادات وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة: وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (?) وقوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (?) . (?) .
أخرج البخاريّ في صحيحه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-؛ قال: كنّا نعدّ الآيات بركة، وأنتم تعدّونها تخويفا، كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر فقلّ الماء، فقال: «اطلبوا فضلة من ماء» فجاءوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء ثمّ قال: «حيّ على الطّهور المبارك، والبركة من الله» فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولقد كنّا نسمع تسبيح الطّعام وهو يؤكل» (?) .
لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أعدائه كثير الأذى وعظيم الشّدّة منذ أن جهر بدعوته، ولكنّ الله تبارك وتعالى حفظه ونصره وعصمه من النّاس.
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (?) وقد كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحرس قبل نزول هذه الآية من قبل بعض أصحابه فلمّا نزلت عليه قال: «يا أيّها النّاس انصرفوا عنّي فقد عصمني الله عزّ وجلّ» (?) .
ومن عصمة الله لرسوله صلّى الله عليه وسلّم حفظه له من أهل مكّة وصناديدها وحسّادها ومعانديها ومترفيها مع شدّة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلا ونهارا بما يخلقه الله من الأسباب العظيمة بقدرته وحكمته فصانه في ابتداء دعوته بعمّه أبي طالب إذ كان رئيسا مطاعا في قريش وجعل الله في قلبه محبّة طبيعيّة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا شرعيّة، ولو