والرحمة والحق والقوة وعلى دعائمه قامت أعظم قواعد الأخلاق ومباديء السلوك وفي مثل هذا يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» (?) .

إن الناظر والدارس لهذا الدين يرى ذلك الفيض الغامر وذلك التراث الثر من التربية والتعليم والإصلاح والتقويم في توجيه واسع وشامل في القول والعمل والفرد والجماعة حتى تحقق وصف الله في نبيه صلّى الله عليه وسلّم وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.

ولقد طال الأمر على المسلمين واشتد مكر أعدائهم فصار كثير منهم إلى حال من المسخ والتشويه والضعف والهوان في رقعة من الأرض ذات اتساع جغرافي وتكاثر سكاني لكنهم يجهلون كثيرا من حقائق الإسلام عقيدة وشريعة وأدبا وخلقا، يعيشون في أمشاج من الأساطير والخيالات وضعوها لأنفسهم بجهالاتهم وبعدهم عن المصدر الحق، وقد يكون منها ما وضعه أعداؤهم من أجل المباعدة بينهم وبين الصحيح من الدين. فاستمرءوا الذل والضعف واستوبئوا (?) العزة والقوة ونزلوا عن كرامتهم وشموخهم الإسلامي ليقتاتوا بقوت متعفن من بقايا موائد الحضارة المادية. وهذا ما حاق بهم في أوطانهم فاستعبدتهم أمم لا تذكر معهم في حساب العد والإحصاء.

وعند النظر والمقارنة بين الواقع والمثال، الواقع المر والمثال النموذجي الأسوة ولأن المصدر باق محفوظ بحفظ الله. فقد توجهت همة بعض الأفاضل والغيورين للقيام بعمل لعله أن يكون من اللبنات الصالحة التي يقوم عليها إعادة بناء الأمة على المنهج الحق. إنه عمل موسوعي في منهج الأخلاق نظرا وتطبيقا. عمل يرجى أن تنعكس نتائجه على ذوي الشأن من المربين والمتعلمين.

عمل حرص على أن يتخذ من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأسوة والقدوة، فالمسلمون منذ أن أظلهم الله بظل الإسلام قد شغفوا بجمع كل ما يتصل بنبيهم محمد صلّى الله عليه وسلّم ومكارم أخلاقه وشمائله ثم مضوا يتدارسون هذا الذي جمعوه يفيضون فيه ويستلهمون منه.

وإن متغيرات الحياة وطرائق التفكير المستجدة وتكاثر قنوات المعلومات والمعارف جعلت من العزيز والشاق أن يستفيد طالب الاستفادة من خضم هذا الفيض الغامر. ليخرج بدراسة جامعة منظمة تتسق مع متغيرات العصر وتنظيماته العلمية.

إنها دراسة موسوعية قصد بها توثيق الاتصال بحياة الحبيب المصطفى محمد صلّى الله عليه وسلّم في سيرته والارتباط بمكارم أخلاقه وتجمع له الشتات المتوزع في شتى المصادر والمراجع.

إنها دراسة شاملة تعني ببيان محمود الأخلاق ومذمومها وتشحذ الهمم نحو سمو أخلاقي يحقق أهدافا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015