فأحلّ لها كثيرا ممّا حرّم على غيرها، ولم يجعل عليها من عنت وشدّة كما قال تعالى: هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (?) . وقال تعالى: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ (?) ، وقال تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (?) . فشريعته صلّى الله عليه وسلّم أكمل الشّرائع وأسهلها وأيسرها، قال صلوات الله وسلامه عليه: « ... إنّي أرسلت بحنيفيّة سمحة» (?) . وقال لمعاذ وأبي موسى- رضي الله عنهما- حين بعثهما إلى اليمن: «يسّرا ولا تعسّرا وبشّرا ولا تنفّرا ... » (?) . وهذه بعض الأحاديث المختارة الّتي تشير إلى اختصاص أمّة الإسلام بوضع الآصار والأغلال عنها:
- فعن حذيفة- رضي الله عنه- قال: غاب عنّا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلم يخرج حتّى ظننّا أنّه لن يخرج فلمّا خرج سجد سجدة حتّى ظننّا أنّ نفسه قد قبضت فيها، فلمّا رفع رأسه قال: «إنّ ربّي تبارك وتعالى استشارني في أمّتي ماذا أفعل بهم فقلت ما شئت أي ربّ هم خلقك وعبادك فاستشارني الثّانية فقلت له كذلك فقال لا نخزيك في أمّتك يا محمّد، وبشّرني أنّ أوّل من يدخل الجنّة من أمّتي سبعون ألفا مع كلّ ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب ثمّ أرسل إليّ فقال: ادع تجب وسل تعطه. فقلت لرسوله: أو معطيّ ربّي سؤلي؟ فقال ما أرسلني إليك إلّا ليعطيك.
ولقد أعطاني ربّي عزّ وجلّ ولا فخر ... وفيه «وأحلّ لنا كثيرا ممّا شدّد على من قبلنا ولم يجعل علينا من حرج» (?) .
- وعن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأراد أن يبول فقام إلى دمث (?) حائط هناك وقال: «إنّ بني إسرائيل كان إذا أصاب أحدهم البول قرضه بالمقراض فإذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد بوله» (?) .
- وعن أنس- رضي الله عنه- أنّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوهنّ في البيوت (?) .