خلاف ما ورد الشّرع به، ومن ذلك قول عمر- رضي الله عنه- «نعمت البدعة هذه» لمّا كانت الجماعة في قيام رمضان من أفعال الخير وداخلة في حيّز المدح سمّاها بدعة ومدحها، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يسنّها لهم، وإنّما صلّاها ثمّ تركها ولم يحافظ عليها، ولا جمع النّاس لها، ولا كانت في زمان أبي بكر وإنّما كان عمر- رضي الله عنه- هو الّذي جمع النّاس عليها، فبهذا سمّاها بدعة وهي في الحقيقة سنّة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين من بعدي» وعلى هذا التّأويل يحمل الحديث الآخر «كلّ محدثة بدعة» إنّما يريد ما خالف أصول الشّريعة ولم يوافق السّنّة (?) .
قال ابن الأثير: وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفا في الذّمّ، أي أنّه إذا أطلق لفظ البدعة فإنّه يراد بها النّوع الأوّل وهو المذموم شرعا.
قال التّهانويّ: وبالجملة فهي أي البدعة منقسمة إلى الأحكام الخمسة:
1- واجبة على الكفاية، ومن ذلك الاشتغال بالعلوم العربيّة المتوقّف عليها فهم الكتاب والسّنّة كالنّحو والصّرف واللّغة ونحو ذلك لأنّ الشّريعة فرض كفاية ولا يتأتّى إلّا بذلك.
2- محرّمة، مثل مذاهب أهل البدع المخالفة لما عليه أهل السّنّة والجماعة.
3- مندوبة: مثل إحداث الرّباطات (نقاط حراسة بلاد المسلمين) والمدارس ونحوهما.
4- مكروهة: مثل زخرفة المساجد وتزيين المصاحف.
5- مباحة: مثل التّوسّع في لذيذ المآكل والمشارب والملابس (?) .
قال الشّيخ الدهلويّ في شرح المشكاة: بشرط حلّها، وألّا تكون سببا في الغرور والتّكبّر والتّفاخر وكذلك الشّأن في المباحات الأخرى الّتي لم تكن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (?) .
بعد أن أورد الإمام الشّاطبيّ تقسيم البدعة إلى الأقسام الخمسة ردّ هذا التّقسيم وبالغ في ذلك فقال رحمه الله تعالى-: والجواب: أنّ هذا التّقسيم أمر مخترع لا يدلّ عليه دليل شرعيّ بل هو في نفسه متدافع لأنّ من حقيقة البدعة أن لا يدلّ عليها دليل شرعيّ لا من نصوص الشّرع ولا من قواعده، إذ لو كان هنالك ما يدلّ من الشّرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثمّ بدعة، ولكان العمل داخلا في عموم الأعمال المأمور بها أو المخيّر فيها، فالجمع بين عدّ تلك الأشياء بدعا وبين كون الأدلّة تدلّ على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين (?) .
قال الكفويّ: حكم المبتدع (للبدعة الضّالّة) في الدّنيا الإهانة باللّعن وغيره وفي الآخرة حكم الفاسق، وعند الفقهاء حكم بعضهم حكم الكافر وحكم الآخرين حكم الضّالّ، والمختار عند جمهور أهل السّنّة من الفقهاء والمتكلّمين عدم تكفير أهل القبلة