قال المناويّ: الكتمان: هو ستر الحديث (?) .
وقال الكفويّ: الكتمان: الصّبر في إمساك الضّمير (?) .
السّرّ في اللّغة: اسم لما يسرّ به الإنسان أي يكتمه، وهو مأخوذ من مادّة (س ر ر) الّتي تدلّ على إخفاء الشّيء (?) ، ومن ذلك السّرّ: خلاف الإعلان.
يقال: أسررت الشّيء إسرارا: خلاف أعلنته. ومن الباب: السّرّ وهو النّكاح، وسمّي بذلك لأنّه أمر لا يعلن به، ويقال: السّرسور: العالم الفطن، وأصله من السّرّ، كأنّه اطّلع على أسرار الأمور (?) . وقال الرّاغب:
الإسرار خلاف الإعلان. قال تعالى: يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (البقرة/ 77) .
ويقال: سارّه إذا أوصاه بأن يسرّه، وأسررت إلى فلان حديثا: أفضيت إليه في خفية، وقول الله تعالى:
تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ (الممتحنة/ 1) أي يطلعونهم على ما يسرّون من مودّتهم، وقد فسّر بأنّ معناه:
يظهرون، وهذا صحيح لأنّ الإسرار إلى الغير يقتضي إظهار ذلك لمن يفضى إليه بالسّرّ، وإن كان يقتضي إخفاءه عن غيره، فإذا قولهم: أسررت إليه يقتضي من وجه الإظهار، ومن وجه الإخفاء، وعلى هذا قوله تعالى: وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (نوح/ 9) (?) .
قال الرّاغب: السّرّ: هو الحديث المكتّم في النّفس (?) .
قال الجاحظ: ومنها (?) كتمان السّرّ وهذا الخلق مركّب من الوقار وأداء الأمانة، فإنّ إخراج السّرّ من فضول الكلام وليس بوقور من تكلّم بالفضول.
وأيضا فكما أنّه من استودع مالا فأخرجه إلى غير مودعه فقد خفر الأمانة، كذلك من استودع سرّا فأخرجه إلى غير صاحبه فقد خفر الأمانة، وكتمان السّرّ محمود من جميع النّاس وخاصّة ممّن يصحب السّلطان فإنّ إخراجه أسراره مع أنّه قبيح في نفسه يؤدّي إلى ضرر عظيم يدخل عليه من سلطانه (?) .
قال الرّاغب: السّرّ ضربان: أحدهما ما يلقي الإنسان من حديث يستكتم، وذلك إمّا لفظا كقولك لغيرك: اكتم ما أقول لك، وإمّا حالا وهو أن يتحرّى القائل حال انفراده فيما يورده، أو يخفض صوته أو يخفيه عن مجالسيه. ولهذا قيل: إذا حدّثك الإنسان