الآخرة (?) ، وقال أبو حيّان: المعنى: يعطى في الآخرة كلّ من كان له فضل في عمل الخير زيادة تفضّل بها المولى عزّ وجلّ (على ما كان له) ، وعلى هذا فالضّمير في «فضله» يرجع إلى الله عزّ وجلّ، ويجوز أن يرجع الضّمير إلى «كل» أي إلى ذي الفضل في الدّنيا، ومن ثمّ يكون المعنى: يعطى جزاء ذلك الفضل الّذي عمله في الدّنيا لا يبخس منه شيء (?) ، والفضل في الحديث الشّريف: «إنّ لله ملائكة سيّارة فضلا» (بضمّ الضّاد وتسكينها) معناه: زائدين عن الملائكة المرتّبين مع الخلائق (?) .

الفضل اصطلاحا:

قال الرّاغب: الفضل: كلّ عطيّة لا تلزم من يعطي (?) .

وقال الجرجانيّ: الفضل: هو ابتداء إحسان بلا علّة (?) .

أنواع الفضل:

قال الرّاغب: الفضل إذا استعمل لزيادة شيء على آخر فأنواعه ثلاثة:

الأوّل: فضل من حيث الجنس كفضل الحيوان على النّبات.

الثّاني: فضل من حيث النّوع كفضل الإنسان على غيره من الحيوان.

الثّالث: فضل من حيث الذّات كفضل إنسان على آخر.

ولا سبيل للنّاقص في النّوعين الأوّلين أن يزيل نقصه وأن يستفيد الفضل، كالفرس والحمار لا يمكنهما أن يستفيدا الفضل الّذي للإنسان، أمّا النّوع الثّالث فقد يكون:

أ- عرضيّا فيوجد السّبيل إلى اكتسابه وذلك كفضل المال أو الرّزق وما أشبههما.

ب- قد يكون ذاتيّا كفضل الرّجل على المرأة، وذلك بما خصّ الله به الرّجال من الفضيلة الذّاتيّة وبما أعطاهم من المكنة والمال والجاه والقوّة، ومن هذا أيضا فضل بعض النّبيّين على بعض بما فضّلهم الله به (?) ، وهذا القسم لا يمكن اكتسابه كالنّوعين الأوّلين لعدم تعلّقه بمشيئة المفضّل أو المفضول عليه.

أمّا إذا استعمل لفظ الفضل في معنى الكمال فإنّ لعلماء «الأخلاق» فيه رأيا خاصّا يمكن استنباطه من تعريفهم للإنسان الفاضل، فمن هو الإنسان الفاضل؟

الإنسان الفاضل: هو- في رأي الماورديّ- من غلبت فضائله رذائله فقدر بوفور الفضائل على قهر الرّذائل فسلم من شين النّقص، وسعد بفضيلة التّخصيص (?) ، ولا يكون ذلك إلّا بمجاهدة النّفس،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015