«اتّق دعوة المظلوم فإنّه ليس بينه وبين الله حجاب» (?) مما يفتح بصيرة المؤمن على عاقبة ظلم الإنسان (?) ، ويرسي أساسا للعدل السياسي والاجتماعي.

وتحمل الدعوة الإسلامية ميزانا دقيقا للحقوق والواجبات حسب الشريعة، فلا يجوز التفريط فيها أو التخلي عنها، فهي منحة إلهية للبشرية، وقد اقتضى تطبيق تلك التعاليم جهادا وبذلا منذ نزول الوحي حتى استقرت دولة الإسلام، فلولا الجهاد (?) لما قضي على الشرك وطابع الحياة الجاهلية، ولما استقرت معاني العقيدة وقيم الإسلام الاجتماعية ومضامينه الخلقية في نفوس الملايين.

وحرصت الدعوة الإسلامية على بناء مجتمع العدل والقوة (?) لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (?) مما يوضح الأسس اللازمة لبناء مجتمع قوي متحضر يقوم على العدل والقوة، فالكتاب والميزان لإقامة العدل، والحديد لايجاد القوة التي تحمي العدل وتكفل استمراره. والعدل الشامل يمتد إلى المسلم والذمي والكافر، والأغنياء والفقراء، والأقوياء والضعفاء، والرجال والنساء، حيث تتحدد حقوق الجميع وفق موازين العدل دون احتكار أو استغلال أو استئثار أو ظلم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ (?) .

وتنطلق الدعوة الإسلامية من مبدأ المساواة (?) بين البشر دون اعتبار للثروة والجاه، ولا اللون أو العرق «النّاس بنو آدم وآدم من تراب» (?) . ويقتضي ذلك تحقيق تكافؤ الفرص أمام الناس والتزام العدل المطلق بينهم، وهدم النظم الطبقية، إذ لا مكان للعنجهية والصلف والكبرياء والاستعلاء على الناس «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمّتهم أدناهم» (?) . وهذا يفسر تجاوب الأمم المختلفة مع الدعوة الإسلامية ودخولها في دين الله أفواجا.

وربما من أجل ذلك كله قال الفيلسوف الألماني هيجل: «يعتبر المبدأ الإسلامي- أو روح التنوير في العالم الشرقي- أول مبدأ يقف في وجه البربرية» (?) .

وتعلن الدعوة الإسلامية الشورى (?) أساسا للنظام السياسي والاجتماعي انطلاقا من الآية الكريمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015