إبراهيم» (?) . وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله» (?) .
والآثار والأحاديث في هذا الباب وافرة.
والأمر الذي نود التأكيد عليه، هو أنه مع نبوته كان متواضعا، ومع علو منصبه ورفعة رتبته، وغزارة علمه، كان أشد الناس تواضعا، فالتواضع من أهم شروط التأثير في الناس، ومع أن الله سبحانه وتعالى مدحه في القرآن، إلا أنه كان في أشد التواضع، لا يتطاول على الناس ولا على الخلق، وكان هذا أكبر داعية لاتخاذ الناس الرسول قدوة لهم.
فقد كان صلّى الله عليه وسلّم آمن الناس، وأعدلهم، وأعف الناس، وأصدقهم لهجة وقد كان مشهورا بهذه الأوصاف قبل الرسالة وبعدها، ولولا هذه الصفات، وخاصة الأمانة لما حصلت الثقة فيه بما يبلّغ به عن ربّه، ولما اصطفاه الله لحمل الرسالة إلى البشر (?) .
وهذه الصفات ضرورية لحمل مسئولية القدوة، ولا بد أن تتوفر فيه حتى يثق الناس فيمن هو قدوة لهم، وبالتالي يثقون فيما يصدر عنه ويصدقونه فيه.
وقد جاء في ذلك الكثير من الآثار، فقد جاء في الروايات، أنه صلّى الله عليه وسلّم كان «أوقر الناس في مجلسه، لا يكاد يخرج شيئا من أطرافه» وأنه «كان كثير السكوت لا يتكلم في غير حاجة، يعرض عمن تكلم بغير جميل، وكان ضحكه تبسما، وكلامه فصلا، لا فضول ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم، توقيرا له، واقتداء به، مجلسه مجلس حلم وحياء، وخير وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا توبّن فيه الحرم، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير» (?) .
وقد كان حسن الهدى رفيقا بالناس والأشياء والحيوان، والآثار في ذلك كثيرة وافرة. ومن هذا مراعاته صلّى الله عليه وسلّم التوسط والاعتدال في سلوكه وتعامله، في قوله وفعله، في طعامه وشرابه، ولباسه ومسكنه، ومات وهو على ذلك، ولأنه قدوة فقد تبعه في تلك الوسطية أصحابه، فقصوا أثره إلى حد بعيد خاصة الخلفاء الراشدين (?) .