الخلق اسم لسجيّة الإنسان وطبيعته الّتي خلق عليها، وهو مأخوذ من مادّة (خ ل ق) الّتي تدلّ على تقدير الشّيء، قال ابن فارس ومن هذا المعنى «الخلق» وهي السّجيّة لأنّ صاحبه قد قدّر عليه، وفلان خليق بكذا.
وأخلق به، أي ما أخلقه، أي هو ممّن يقدّر فيه ذلك، والخلاق النّصيب لأنّه قد قدّر لكلّ أحد نصيبه (?) . وقال الرّاغب: الخلق والخلق (والخلق) في الأصل واحد لكن خصّ الخلق بالهيئات والأشكال والصّور المدركة بالبصر، وخصّ الخلق بالقوى والسّجايا المدركة بالبصيرة، قال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم/ 4) . والخلاق أيضا ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه، قال تعالى: وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (?) ، والخليقة: الطّبيعة والجمع الخلائق. قال لبيد:
فاقنع بما قسم المليك فإنّما ... قسم الخلائق بيننا علّامها
والخلقة بالكسر: الفطرة، ويقال: خلق فلان لذلك بالضّمّ كأنّه ممّن يقدّر فيه ذلك وترى فيه مخائله، والخلق والخلق السّجيّة، يقال: خالص المؤمن وخالق الفاجر» ويقال: فلان يتخلّق بغير خلقه أي يتكلّفه، قال الشّاعر:
يا أيّها المتحلّي غير شيمته ... إنّ التّخلّق يأتي دونه الخلق (?)
قال الماورديّ: الأخلاق: غرائز كامنة، تظهر بالاختيار، وتقهر بالاضطرار (?) .
وقال الجرجانيّ: الخلق عبارة عن هيئة للنّفس راسخة يصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويّة، فإن كانت الهيئة بحيث يصدر عنها الأفعال الجميلة عقلا وشرعا بسهولة سمّيت الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصّادر منها الأفعال القبيحة سمّيت الهيئة الّتي هي مصدر ذلك خلقا سيّئا، وإنّما قلنا إنّه هيئة راسخة لأنّ من يصدر منه بذل المال على النّدور بحالة عارضة لا يقال خلقه السّخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه (?) .
قال القزوينيّ- رحمه الله-: ومعنى حسن الخلق: «سلامة النّفس نحو الأرفق الأحمد من الأفعال، وقد يكون ذلك في ذات الله تعالى، وقد يكون فيما بين النّاس» .
أمّا ما يتعلّق بذات الله- عزّ وجلّ- فهو: «أن يكون العبد منشرح الصّدر بأوامر الله تعالى ونواهيه، يفعل ما فرض عليه، طيّب النّفس به، سلسا نحوه، وينتهي عمّا حرّم عليه، راضيا به، غير متضجّر منه،