تقديم للأستاذ الدكتور علي خليل أبو العينين أستاذ أصول التربية الإسلامية ووكيل كلية التربية- جامعة الزقازيق- فرع بنها
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فإن الله ميز الإنسان عن غيره من الكائنات التى تعيش معه بأنه كائن أخلاقى أي مدرك للقيم الخلقية، قادر على الإتيان بها وفعلها، قادر- بإذن الله- على بناء عالم داخلى له يسلك على مقتضاه بعلم واقتدار، ولعله لهذا السبب وضع فى مكانة سامية لم يصل ولا يصل إليها أى كائن آخر، فهذا الإدراك وهذا الفهم وهذا الوعي هو الذي أهّله لشغل تلك المكانة التي يتقلدها باقتدار، بل هو الحد الفاصل بينه وبين غيره.
وقد شاء الله تعالى أن تقوم حياة المجتمع الإنسانى على أساس معيارى، يعكس حياة معنوية يمثلها الأفراد، تتميز بالقوة والأصالة. تفسير ذلك أن المجتمع يتمثل ويتجسد من خلال نظام مكون من الأعضاء والوظائف، يميل إلى الاحتفاظ بذاته بعيدا عن العوامل الهادمة التى تهدده من الداخل أو من الخارج. ومن أجل ذلك يميل الأفراد فى اتصال مشاعرهم الفردية أن يكون هذا الاتصال تعبيرا عن روابط متقاربة تتيح الفرصة لاتصال جيد، وتؤكد مناخا جيدا لتواصل منتج، وبالتالى تتاح الفرصة لتلك المشاعر أن يؤثر بعضها فى البعض تأثيرا إيجابيا، ومن ثم تنبعث حياة نفسية من نوع آخر يختلف عن حياة الفرد بصورة خاصة.
والمجتمع الإنساني في عمومه «لا يتكون دون وجود هذا البناء المعياري، وهو بالإجمال أفكار تنطوي على صورة الحياة الاجتماعية، وتتضمن الملاحظات التي تتعلق بها، ويحمل البناء الخطوط الأساسية لتلك الحياة وتطورها» (?) . وهذا البناء المعياري هو قواعد للسلوك، هى بالأحرى مقاييس من خلالها يحكم على السلوك بأنه مقبول أو غير مقبول، وتشكل فى النهاية نوعا من التحديات الثقافية للسلوك المرغوب فيه، وتعطي الفرد كما تعطي المجتمع شكله وشخصيته وهويته، وهذا كله يضمه ويحتويه معنى القيم الخلقية.
وتعتبر الأخلاق صورة المجتمع، لأنها الضابط والمعيار والموقف الأساسي للسلوك الفردي والاجتماعي، أو القواعد الأساسية الممنوحة من الله للإنسان لتنظيم حياته، وهي تنتظم فيما يسمى بالبناء الخلقي أو النظام الخلقي