قد يظن الطائع أنه بمنأى عن الاختبار أو الابتلاء الذي يتعرّض له غيره من العصاة، وهذا اعتقاد خاطىء لأن الإنسان كما أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد يعمل بعمل أهل الجنة حتى يكون ما بينه وبينها إلّا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها (?) ، وهنا أيضا نجد مجموعة من الخطوات لابد أن يتحلّى بها الطائعون من أهمها:

1- الخطوة الأولى: أن يعلم يقينا أن الطاعة هي من توفيق الله عز وجل وبمشيئته، ولو شاء سلبها منه، وعليه أن يردد دائما قول الله: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ (?) .

2- الخطوة الثانية: أن يتحلى بالخوف من الله عز وجل وأن يرجوه قبول طاعاته، فقد كان السلف رضوان الله عليهم- كما أخبر الحسن البصري- قد عملوا بالطاعات، واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم، إن المؤمن جمع إيمانا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنا (?) .

3- الخطوة الثالثة: ألّا يأمن الطائع مكر الله تعالى فينقلب بهذا الأمن من العصاة وهو لا يدري، وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يكثر من الدعاء: «يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك» (?) .

4- الخطوة الرابعة: ألّا يمن بطاعته على الله تعالى، قال تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (?) .

5- الخطوة الخامسة: أن يحذر الوقوع في البدعة فيعبد الله بغير ما أمر أن يعبد به (?) . (انظر صفة الابتداع) .

6- الخطوة السادسة: أن ينأى عن التطرّف والتشدّد في أمر الدين فإنه لن يشاد الدين أحد إلّا غلبه (?) .

(انظر صفتي الغلو والتعسير) .

7- الخطوة السابعة: أن يعلم أن هناك عدوّا هو الشيطان يتربّص به الدوائر ويريد الإيقاع به، وأنه قد يدخل عليه من باب الطاعة فيجعله مغترّا بها، متكبرا على غيره من العصاة، جاعلا نفسه في مكانه فوقهم (انظر صفة الغي والإغواء) .

وبعد..

فهذه المحاولة المتواضعة للكشف عن علاقة الإنسان بهذه الحياة تقودنا إلى معرفة الطريق الصحيح للنجاح في الاختبارات التي نعايشها بصفة يومية ونتعرّض فيها لشتّى الابتلاءات، وقد تبيّن من خلال هذا الاستعراض أن التحلّي بخلق الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد كان خلقه كما وصفته أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- القرآن، حيث كانت حياته الكريمة وسيرته العطرة تجسيدا حيّا لما جاء به، وقد أمرنا الله عز وجل باتباعه فيما يأمر أو ينهى عنه: وَما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015