فدخل منه العدو وكان ما كان، وجماع هذه الثلاثة (الصبر والمصابرة والرباط) (?) هو تقوى الله عز وجل إذ لا ينفع شيء منها بدون التقوى، ولا تقوم التقوى إلّا على ساق الصبر (?) .

ولا شك في أن الاستعاذة بالله عز وجل من هذا الشيطان هي من أقوى الأسلحة التي يحصن بها المسلم نفسه من هذا العدو لأن معناها الاعتصام بالله تعالى واللجوء إليه لدرء شر ذلك الشيطان الرجيم، قال تعالى:

وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ* وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (?) .

7- جهاد النفس وتزكيتها:

اعلم أن النفس مجبولة على اتباع الشهوات ولا تزال على ذلك إلا أن يبهرها نور الإيمان، يقول الله تعالى في سورة يوسف عليه السلام وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (?) .

فلا يزال المؤمن طول عمره في مجاهدة نفسه الأمارة بالسوء باستنزال نور رحمة الله، فكلما هاجت داعية نفسه إلى شهوات جسدية أو أهواء نفسية محرمة لجأ إلى الله وتذكر جلال الله وعظمته وما أعد للمطيعين من ثواب وللعصاة من عذاب فانقدح من قلبه وعقله خاطر يدمغ خاطر الباطل فيصير كأن لم يكن شيئا مذكورا. أما تزكية النفس فيعني التطهر من الأدناس والسمو عن النقائص، وهي بذلك تأخذ عند الله حظها من الرضوان وعند الناس حظها من الكرامة وقد وعد الله عز وجل بالفلاح من زكّى نفسه فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (?) ، وقال عز من قائل: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (?) ، وقال جل من قائل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ (?) ، وقال سبحانه: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً (?) ، يقول ابن تيمية- رحمه الله تعالى-: جعل المولى سبحانه غض البصر وحفظ الفرج هو أزكى للنفس وبيّن أن ترك الفواحش من زكاة النفوس، وزكاة النفوس تتضمن زوال جميع الشرور من الفواحش والظلم والكذب ونحوها (?) .

رابعا: تعامل المسلم المبتلى بالطاعات:

أصل الابتلاء بالطاعة هو تقلد الإنسان عهدة التكليف بالأمانة، يقول الله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا (?) . وبقبول هذه العهدة وحملها يتعرض الإنسان للثواب إن أطاع، وللعقاب إن عصى، وهذه سنة الله عز وجل في خلقه وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا* (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015