إلى هذه الطريق فلو كان هو أصح طرق الحديث، لذكره بصريح العبارة، ولجعله عمدته في هذا الباب كما سبق.
الرابع: أن من جاء بعده -كالسيوطي وغيره- لم يذكروا هذه الرواية.
فكل هذه الأمور تمنعنا من حمل اسم الإشارة "هذا" على أقرب مذكور، وتضطرنا إلى حمله على البعيد، وهو الطريق الذي قبل هذا، وهو طريق سعيد بن جبير المرسل. وهو الذي اعتمده الحافظ في "الفتح" وجعله أصلًا، وجعل الروايات الأخرى شاهدة له، وقد اقتدينا نحن به، فبدأنا أولًا بذكر رواية ابن جبير هذه، وإن كنا خالفناه في كون هذه الطرق يقوي بعضها بعضًا.
قلت: هذا مع العلم أن القدر المذكور من إسناد ابن مردويه الموصول رجاله ثقات رجال الشيخين، لكن لا بد أن تكون العلة فيمن دون أبي عاصم النبيل، ويقوي ذلك، أعني كون إسناده مُعَلًا أنني رأيت هذه الرواية أخرجها الواحدي في "أسباب النزول": ص 233" من طريق سهل العسكري قال: أخبرني يحيى "قلت: هو القطان" عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19-20] ، فألقى الشيطان على لسانه: "تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى" ففرح بذلك المشركون، وقالوا: قد ذكر آلهتنا، فجاء جبريل عليه السلام إلى