الأول: قول الحافظ عقب ذلك: "فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضًا"، فإن فيه إشارة إلى أن ليس هناك إسناد صحيح موصول يعتمد عليه، وإلا لَعرَّج عليه وجعله أصلًا , وجعل الطريق المرسلة شاهدة ومُقَوية له، ويؤيده الأمر الآتي وهو:
الثاني: وهو أن الحافظ لما رَدّ على القاضي عياض تضعيفه للحديث من طريق إسناد البزار الموصول بسبب الشك، قال الحافظ: "أما ضعفه فلا ضعف فيه أصلًا "قلت: يعني في رواته"، فإن الجميع ثقات، وأما الشك فيه، فقد يجيء تأثيره ولو فردًا غريبًا -كذا- لكن غايته أن يصير مرسلًا، وهو حجة عند عياض وغيره ممن يقبل مرسل الثقة، وهو حجة إذا اعتضد عند من يَرُدّ المرسل، وهو إنما يعتضد بكثرة المتابعات".
فقد سلَّم الحافظ بأن الحديث مُرْسَلٌ، ولكن ذهب إلى تقويته بكثرة الطرق، وسيأتي بيان ما فيه في ردنا عليه قريبًا إن شاء الله تعالى.
فلو كان إسناد ابن مردويه الموصول صحيحًا عند الحافظ، لرد به على القاضي عياض، ولما جعل عمدته في الرد عليه هو كثرة الطرق، وهذا بين لا يخفى.
الثالث: أن الحافظ في كتابه "فتح الباري" لم يُشِرْ أدنى إشارة