نصب الرايه (صفحة 946)

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ الْأَشْدَقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ، قَالَ: أَصْبَحْنَا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ صِيَامًا، وَكَانَ الشَّهْرُ قَدْ أُغْمِيَ عَلَيْنَا، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ عليه السلام، فَأَصَبْنَاهُ مُفْطِرًا، فَقُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ صُمْنَا الْيَوْمَ، فَقَالَ "أَفْطِرُوا"، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا يَصُومُ هَذَا الْيَوْمَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، لَأَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ يُتَمَارَى فِيهِ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ لَيْسَ مِنْهُ" يَعْنِي مِنْ رَمَضَانَ قَالَ الْخَطِيبُ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كِفَايَةٌ عَمَّا سِوَاهُ، وَشَنَّعَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى الْخَطِيبِ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ تَشْنِيعًا كَثِيرًا، وَقَالَ: إنَّهُ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى ابْنِ جَرَادٍ، لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ تَرَخَّصُوا فِي ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ نُسْخَةُ يَعْلَى بْنِ الْأَشْدَقِ عَنْ ابْنِ جَرَادٍ، وَهُوَ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: يَعْلَى بْنُ الْأَشْدَقِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَعْلَى بْنُ الْأَشْدَقِ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ أَحَادِيثُهُ مُنْكَرَةٌ، وَهُوَ وَعَمُّهُ غَيْرُ مَعْرُوفَيْنِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله: لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، انْتَهَى. وَوَافَقَهُ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: "لَا يُصَامُ الْيَوْمُ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ إلَّا تَطَوُّعًا".قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا1.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ".

قُلْت: رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ"2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ، إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَيَصُومُهُ" 3، انْتَهَى. وَآخِرُ الْحَدِيثِ يَدْفَعُ تَأْوِيلَ صَاحِبِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ لِلشَّافِعِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا، ابْتِدَاءً، أَيْ لَا يُوَافِقُ عَادَةً، ثُمَّ قَالَ: وَمَعْنَى الْحَدِيثِ لَا تَصُومُوا رَمَضَانَ فِي غَيْرِ أوانه، ويرده ما وفع فِي لَفْظٍ أَيْضًا: " لَا تَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيْ رَمَضَانَ4 بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ"، وَقَدْ جَاءَ بِالتَّصْرِيحِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015