نصب الرايه (صفحة 923)

فَصْلٌ فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ وَوَقْتِهِ

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ1 عَنْهُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا، قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ إذا كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ، أَنْ قَالَ: إنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي لَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْت، قَالَ أَبُو دَاوُد2. وَذُكِرَ فِيهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ، أَوْ صَاعَ حِنْطَةٍ، وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَذَكَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ: نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ، أَوْ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ أَسَاءَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" إذْ قَالَ: زَادَ أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَوْ صَاعَ حِنْطَةٍ، لِأَنَّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُتَّصِلَةٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، هَكَذَا تَعَقَّبَهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَحُجَّةُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ: صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، قَالُوا: وَالطَّعَامُ فِي الْعُرْفِ هُوَ الْحِنْطَةُ، سِيَّمَا وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ: صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ، وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا أَبُو دَاوُد، أَخْرَجَهُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"3 مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ، وَذَكَرَ عِنْدَهُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، فَقَالَ: لَا أُخْرِجُهُ إلَّا مَا كُنْت أُخْرِجُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ4، أَوْ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ؟ فَقَالَ: لَا، تلك قيمة معاوية، لا أَقْبَلُهَا وَلَا أَعْمَلُ بِهَا، انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"5 مِنْ حَدِيثِ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، وَمِنْ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ حُجَّةً لَنَا مِنْ

جِهَةِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ جَعَلَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ عِدْلَ صَاعٍ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "شَرْحِ مُسْلِمٍ"6: هَذَا الْحَدِيثُ مُعْتَمَدُ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ فِعْلُ صَحَابِيٍّ، وَقَدْ خَالَفَهُ أَبُو سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015