فِي الْوُضُوءِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِ يُؤَيِّدُهُ مَا أخرجه عن ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَسْحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى النَّعْلَيْنِ كَانَ فِي وُضُوءِ تَطَوُّعٍ لَا من حدث سُفْيَانَ عَنْ السُّدِّيَّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ دَعَا بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا، وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لِلطَّاهِرِ مَا لَمْ يُحْدِثْ، قَالَ فِي الْإِمَامِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ فِي مُسْنَدِهِ بِزِيَادَةِ لَفْظِ: وَفِيهِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَا لَمْ يُحْدِثْ، انْتَهَى. قُلْت: وهكذا فعل ابن ماجه فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، فَأَخْرَجَ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ1 أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى النَّعْلَيْنِ، وَقَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذَا إنَّمَا كَانَ فِي وُضُوءِ النَّفْلِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ2 أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِرِجْلَيْهِ، وَقَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَعَلَ كَمَا فَعَلْت، وَهَذَا وُضُوءُ مَنْ لم يحدث، انتهى. وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْبَزَّارِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُ ذَلِكَ. الْجَوَابُ الثَّانِي: قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ مَعْنَى مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ أَيْ غَسَلَهُمَا فِي النَّعْلِ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ فِي النِّعَالِ، وَأَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ زَادَ فِيهِ: وَيَمْسَحُ عَلَيْهَا، ثُمَّ سَاقَهُ بِسَنَدِهِ إلَى سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بن جريح، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: رَأَيْنَاك تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ نَرَ أَحَدًا يَفْعَلُهُ غَيْرُك، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: رَأَيْنَاك تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يلبسهما، ويتوضأ، ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَلْبَسُهُمَا3 وَكَأَنَّهُ أَخَذَ لَفْظَةَ: فِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَلَكِنْ يُحْتَاجُ إلَى أَنْ يَكُونَ لَفْظَةُ: يَتَوَضَّأُ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْغَسْلِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. الْجَوَابُ الثَّالِثُ: قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِ شَرْحِ الْآثَارِ وَهُوَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى النَّعْلَيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ، وَكَانَ مَسْحُهُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ هُوَ الَّذِي يَطْهُرُ بِهِ، وَمَسْحُهُ عَلَى النَّعْلَيْنِ فَضْلًا، وَاسْتَشْهَدَ بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ. وَبِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ نَحْوَهُ، رَوَى الْأَوَّلَ: ابْنُ مَاجَهْ4. وَالثَّانِيَ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيُّ5، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي حَدِيثِ الْجَوْرَبَيْنِ.