عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ يُخَمِّرُ وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، انْتَهَى. قَالَ: وَالصَّوَابُ مَوْقُوفٌ، وَرَوَى مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" 1 عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْفُرَافِصَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ 2 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ رضي الله عنه بِالْعَرْجِ مُخَمِّرًا وَجْهَهُ بِقَطِيفَةِ أُرْجُوَانٍ فِي ثَوْبٍ صَائِفٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: قَالَ عليه السلام فِي مُحْرِمٍ تُوُفِّيَ: "لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ3، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَوْقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثوبيه، وَلَا تَمَسُّوهُ طِيبًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا وَجْهَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ: الْوَجْهَ، قَالَ الْحَاكِمُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ فِي كِتَابِ "عُلُومِ الْحَدِيثِ": وَذِكْرُ الْوَجْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْحِيفٌ مِنْ الرُّوَاةِ، لِإِجْمَاعِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ مِنْ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَلَى رِوَايَتِهِ: وَلَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ، انْتَهَى. وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى مُسْلِمٍ لَا إلَى الْحَاكِمِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ كَثِيرُ الْأَوْهَامِ، وَأَيْضًا فَالتَّصْحِيفُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْحُرُوفِ الْمُتَشَابِهَةِ، وَأَيُّ مُشَابَهَةٍ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فِي الْحُرُوفِ؟ هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَذْكُرَ فِي الْحَدِيثِ غَيْرَ الْوَجْهِ، فَكَيْفَ! وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا - أَعْنِي الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ - وَالرِّوَايَتَانِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، فَفِي لَفْظٍ: اقْتَصَرَ عَلَى الْوَجْهِ، فَقَالَ: وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ، وَفِي لَفْظٍ: جَمَعَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، فَقَالَ: وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وجهه، وفي لفط: اقْتَصَرَ عَلَى الرَّأْسِ، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُغَسِّلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَأَنْ يَكْشِفُوا وَجْهَهُ، حَسِبْته قَالَ: وَرَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ، وَهُوَ يُهِلُّ، انْتَهَى. وَمِثْلُ هَذَا بَعِيدٌ مِنْ التَّصْحِيفِ.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: قَالَ عليه السلام: "الْحَاجُّ الشَّعِثُ التَّفِلُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، 4 وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ الْحَاجُّ؟ قَالَ: "الشَّعِثُ التَّفِلُ". وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ: "أَفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ وَالثَّجُّ"، قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.