دَالَّةٌ عَلَى عَكْسِهِ، وَهِيَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ وَرَدَ إفْرَادُ النَّهْيِ عَنْ النِّقَابِ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، مُجَرَّدًا عَنْ الِاشْتِرَاكِ مَعَ غَيْرِهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، قَالَ: "الْمُحْرِمَةُ لَا تَنْتَقِبُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ"، انْتَهَى. الثَّانِي: أَنَّهُ جَاءَ النَّهْيُ عَنْ النِّقَابِ، وَالْقُفَّازَيْنِ مُبْدَأً بِهِمَا فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ، وَهَذَا أَيْضًا يَمْنَعُ الْإِدْرَاجَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام نَهَى النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ، وَالنِّقَابِ، وَمِسَاسِ الْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ مِنْ الثِّيَابِ، وَتَلْبَسُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَرًا، أَوْ خَزًّا، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ حُلِيًّا، أَوْ قَمِيصًا، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ مَا خَلَا ابْنَ إسْحَاقَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ1، انْتَهَى. وَسَنَدُهُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثَنَا يَعْقُوبُ ثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ، إلَى آخِرِهِ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: قَالَ عليه السلام: "إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 2، وَيُنْظَرُ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ احْتَجَّ بِهِ هُنَا لِلشَّافِعِيِّ، أَنَّ الْمُحْرِمَ لَهُ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ، وَأَعَادَهُ قُبَيْلَ الْقِرَانِ، أَنَّ الْمَرْأَةَ تُغَطِّي رَأْسَهَا.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ 3 عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي الْمُحْرِمِ يَمُوتُ، قَالَ: "خَمِّرُوهُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَعِلَّتُهُ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، كَانَ كَثِيرَ الْغَلَطِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ ضَعِيفٌ، قَالَ: لَكِنَّهُ جَاءَ بِأَعَمَّ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ، وَأَصَحَّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 4 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ الْأَزْدِيِّ ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ"، انْتَهَى. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ صَدُوقٌ، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَبَقِيَّةُ الْإِسْنَادِ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَاسْتَدَلَّ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" لِأَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ بِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ 5 مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بْنِ حُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حبير عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي الَّذِي وُقِصَ: "خَمِّرُوا وَجْهَهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ"، قَالَ: وَإِبْرَاهِيمُ هَذَا وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى، وأبو حاتم. وأخرجه الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الْعِلَلِ" عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ