ولذلك كان السلف يبكرون بأولادهم إلى مجالس الحديث، حتى قال عبد الله بن داود الخريبي (ت 213هـ) : "ينبغي للرجل أن يكره ولده على سماع الحديث" (?) .
وقال علقمة بن قيس النخعي (ت62هـ) ، في بيان قوة حافظة الشاب ورسوخ حفظه: "ما حفظت وأنا شاب، فكأني أنظر إليه في قرطاس أو ورقة" (?) .
وصفة المكان المناسب: أن يكون مريحاً، لا يشق على النفس المكث به. وأن يكون هادئاً، بعيداً عن الأصوات العالية. وأن يكون خالياً من الملهيات وما يلفت الأنظار؛ فلا يجلس في حديقة، ولا في ممر الناس وأسواقهم. بل يختار مقصورة أو حجرة في منزله، يتحفظ فيها (?) .
ولذلك حكمة، بينها والد الزبير بن بكار القرشي (ت 256هـ) عندما رأى ابنه يتحفظ سرا، فقال له: " إنما لك من روايتك هذه (أي: تحفظك سراً) ما أدى بصرك إلى قلبك. فإذا أردت الرواية (أي: الحفظ) ، فانظر إليها، واجهر بها؛ فإنه يكون لك ما أدى بصرك إلى قلبك، وما أدى سمعك إلى قلبك" (?) .
(وهذا تعبير رائع صحيح، وهذا ما يقول فيه علماء التربية وعلم النفس: كلما كثرت الحواس المشاركة في تلقي موضوع أو تعلمه، كان حفظه أسرع وأيسر) (?) .
يقول ابن الجوزي في (الحث على حفظ العلم) : "الطريق إلى إحكامه كثرة الإعادة. والناس يتفاوتون في ذلك، فمنهم من يثبت معه المحفوظ مع قلة التكرار، ومنهم من لا