وحزمه وإصراره وقوته، ولا ينفع معه العقل الضعيف المتردد المتحير الملول؛ وهذا غير الذكاء وسرعة الفهم، فربما كان العقل ذكياً لكنه ليس ذكراً!!
ولذلك فقد قل من ينجب في علم الحديث ويتميز، يوم أن كان طالبو الحديث ألوفاً! ويوم كانت ألوفهم من الطراز الأول من طلبة العلم!!
يقول شعيب بن حرب (ت197 هـ) : (كنا نطلب الحديث أربعة آلاف، فما أنجب منا إلا أربعة) (?) .
ولما كثر من يطلب الحديث في زمن الأعمش، قيل له: (يا أبا محمد، ما ترى؟! ما أكثرهم!! قال: لا تنظروا إلى كثرتهم،، ثلثهم يموتون، وثلثهم يلحقون بالأعمال (يعنى الوظائف الحكومية) ، وثلثهم من كل مائة يفلح واحد) (?)
ولهذا العمق في علم الحديث نهى نقاد الحديث عن شرح كثر من علل الروايات إلا عند أهل الحديث، لما يخشى من شرح ذلك على غير أهل الحديث أن يكون سبباً في أن يفتتنوا أو يفتنوا!! من باب: (حدثوا الناس بما يعقلون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله) (?) ، وباب: (إنك لست محدثاً قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة) (?) !!
يقول الإمام أبو داود السجستاني (ت 275هـ) في (رسالته إلى أهل مكة) : (وربما أتوقف عن مثل هذه (يعني: إبراز العلل) ، لإنه ضرر على العامة لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث، لأن علم العامة يقصر عن ذلك (?) .
ويقول الخطيب البغدادي (ت 463هـ) : (أشبه الأشياء بعلم الحديث معرفة الصرف ونقد الدنانير والدراهم، فإنه لا تعرف جودة الدينار والدرهم بلون ولا مس، ولا طراوة ولا يبس، ولا نقش، ولا صفة تعود إلى صغر أو كبر، ولا إلى ضيق أو سعة؛ وإنما