أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) [النساء:65] ، وكقوله عز شأنه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) [آل عمران: 31] ، وكقوله عز من قائل: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [النور: 63] ، وكقوله عز حكمه: (وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [الحشر:7] ، وكقوله لا رب سواه: (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) [الأحزاب:21] ، في غيرها من آيات مباركات كثيرات.
ففي هذه الآيات حث على تعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، بتعلم أصولها ومصطلحها، من العلوم التي يميز بها صحيح السنة من سقيمها. لأن الأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والترغيب في الاقتداء به لا يمكن امتثاله (بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم) إلا بالنقل والإسناد اللذين اجتمعت فيهما شروط القبول، وشروط القبول (تحققها أو عدم تحققها) في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يتوصل إلى إدراكه إلا بالعلوم التي تخدم ذلك، وهي علوم الحديث: أصوله ومصطلحه. إذن فالأمر الإلهي بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به متضمن أمراً إلهياً بتعلم علم الحديث، لأنه لا سبيل إلى امتثال الأمر الأول إلا بعد امتثال الأمر الثاني، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وإذا كان فهم القرآن الكريم، وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والعلم بأحكام هذا الدين (دين الإسلام) وشرائعه وآدابه = لا يكون إلا بعلوم الحديث؛ علمت ما هي مكانة هذه العلوم!! وفي أي قمة من مراتب العلوم تكون!! ثم علمت شرف أهل الحديث!! وعظيم فضلهم وكبير أثرهم في الأمة!!!
وقد جاءت السنة نفسها ببيان فضل أهل الحديث وشرفهم، في أحاديث كثيرة وآثار ذوات عدد؛ حتى صنف الخطيب البغدادي (ت 463هـ) كتاباً في ذلك بعنوان (شرف أصحاب الحديث) .
ومن هذه الأحاديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، حتى تقوم الساعة) (?) .